اليوم- السعودية الفهم السلبي والخاطيء للدين يجعل بعضهم يقدمه على أنه مجموعة من الموانع والقيود والمحرمات فقط!، وهذا الاختزال المخل يفسد القوة الإيجابية الهائلة للدين التي تدفعنا نحو البناء والحضارة والفاعلية. الدين يوقد ويشعل الإيجابية في الطموح والغاية، وهذا حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام يتغلب «طموحه الإيجابي» على فكرة الانتقام والتشفي السلبية، فعندما طرده أهل الطائف ناداه ملك الجبال قائلاً: «قد بعثني إليك ربك لتأمرني بما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين -جبلان بمكة-»، فقال رسول الله: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً»، وقد وقع الأمر كما تمناه النبي الرحيم وخرج من صلب أبي جهل -فرعون الأمة- عكرمة رضي الله عنه، وخرج من صلب الوليد بن المغيرة -المبشر بالنار في سورة المدثر- سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وهو بهذا يعلمنا كيف تكون الإيجابية في الطموح. الدين يعلمنا مفهوم «الشراكة الإيجابية»، وكلام الرسول في حلف الفضول يرسم لنا كيف يشترك المسلم في المشاريع الإيجابية مع كل أحد، ولأن الهدف الدفاع عن المظلومين والفقراء قال: «لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفًا لو دعيت به في الإسلام لأجبت»، فالمشاريع الإيجابية ليست حكراً على فريق بعينه. الدين يشجعنا على التوجه الإيجابي دائماً، والنية الحسنة تؤجر عليها حتى لو لم تستطع الفعل لأن النية الإيجابية تنمي «الشعور الإيجابي» وتجعله متحفزا دائماً، وحتى في الدعاء تجد الأدعية إيجابية وتتعوذ من الصفات السلبية التي تحبط وتقعد عن العمل، والنبي الكريم عليه السلام كان يردد: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل». المنظومة المقاصدية في الإسلام تدفعك نحو «الإيجابية المتعدية»، وتحضك على الخير الممتد الذي يخدم الآخرين، ولا أدل على ذلك من قول النبي عليه السلام: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها»، ويرتب على الدوام الأجر الكبير على تقديم العون للناس ولو بإماطة الأذى عن الطريق. أحد الأبحاث في كلية الطب في سان فرانسيسكو ذكر أن أكثر من 80% من أفكار الإنسان سلبية وتعمل ضده، ولذلك البداية في التغيير الإيجابي تبدأ من الفكر وصياغته في القوالب الإيجابية، ومكافحة الاستدراج السلبي لأفكارنا. الإيجابية فلسفة داخلية تنبع من الذات، وهذا يعطيها حصانة عظيمة ضد الطوفان السلبي في الخارج، ولذلك الإيجابي المؤمن بفكرته ينطبق عليه مقولة غاندي: «يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر».