الشرق- السعودية الحياة ليست كلها فرح، ويود الجميع لو تبقى ضاحكة، باسمة، مفرحة، ومن يكره؟، إلا أن الواقع مخلتف، فالحياة كما أنها ليست فرحاً كلها، كذلك ليست ترحاً، لا حزن دائم، ولا ألم يطول، ولو بقيت كذلك لكسانا اليأس والإحباط حتى نموت، لكن الحياة دولٌ، والمرء فيها يعيش بين الفرح تارة والترح أخرى، يعيش السعادة فينة والتعاسة أخرى، وكما قال الشاعر: «فيوم علينا ويوم لنا/ ويوم نُساء ويوم نُسرّ». لو تأمل أحدنا في حياة من حوله، لوجد مشاهد مختلفة، بطعم الحياة المتنوع، فمن قوم يحتفلون بمجيء مولود لهم، وقد حفت بهم السعادة بأفراحها؛ لأن حياة جديدة ولدت عندهم، إلى مخيم عزاء، ربما قد يكون في الجوار، لبيت الفرح الأول، لكنهم يعيشون أجواء صادمة بوجع الفقد. ونحن أمام هذين المشهدين نعلم أن الحياة خليط بين مواقف مفرحة ومحزنة، لكنها لن تبقى فرحاً لا ينتهي، ولن تتحول لصدمات ومواجع طوال عيشنا فيها. في الأمس القريب، مررت بصالة أفراح قريبة مني، فشدّني منظر الفرح، ورأيت رجالاً يتراقصون ويهزجون، ويتبادلون التهاني والتحايا مع بعضهم بعضا، وعلامات السرور على وجوههم، فوقفت هنيهة على جانب الطريق لأقرأ المشهد المفرح، ثم أدرت سيارتي، وما أن سرت قليلاً، أمتاراً لعلها، حتى لمحت خيمة عزاء كبيرة، فسمحت لنفسي أن أتوقف لأقرأ المشهد، فوجدت وجوهاً مكسية بالحزن، ورؤوساً قد تسمّرت إلى الأسفل، وقد أرخت أعناقها، وكأني ألمح أعيناً قد اغرورقت بالدموع، حتى كادت تشرق بها، منظر ليس فيه إلا السكينة والهدوء، فقلت ها هي الحياة حينما يكتشف المرء حقيقتها «خلطة من الفرح والترح، من الابتسامات والدموع، من الزغاريد والنياح».. فيارب أرفق بنا. علينا أن نعلم، أن المصائب كثيرة، وبعضها قد تكون رحمة، لكونها ابتلاء، وهنا خمسة أشياء -قرأتها- إذا ذكرها أحدنا هان عليه ما يجد في حياته: أن يذكر أن كل شيء قدر، وأن الجزع لا يرد القضاء، وأن ما هو فيه أخف مما هو أكبر منه، وأن ما بقي له أكثر مما أخذ منه، وأن لكل قدر حكمة لو علمها لرأى المصيبة هي عين النعمة.