الجراثيم هي كائنات مضرة ، تنقل البكتريا وتعدي ، وتمرض، وتميت أيضا.ً وكلما تُركت دون محاربة ومواجهة استشرت وتكاثرت ، فأصبح من الصعب التخلص منها والقضاء عليها . وقل مثل ذلك في بعض جراثيم المجتمع ، والتي تمَكن السوء والشر منهما حتى أصبح كالهواء منه يتنفسون ، وكالماء به يحيون . لا يسعدون بصفاء الجو ، وطيب المعشر , ولذيذ المأكل ، وهنيء المشرب ، تعرفهم بلحن القول ، ونتن الريح ، وكآبة المنظر . جراثيم لها دخنها ووصفها المعروف ، تكره النقاء ... ترفض الصفاء ، لا تعرف الوفاء... يشمئز قلبك عند مرآهم ، وتستعر عليك نفسك لهيباً عند مجالستهم ، تضيق بك الأرض بما رحبت . كأنهم صخر جاثم على صدرك قد ضيق مجاري النفَس . يسعون بكل الجَهد لتفريق ما تجمع ، وتخريب ما صلح ، وهدم ما بُِِِني ، جراثيم تسفه النجاح إلا لها.. تقلل من التميز إلا لحظها.. يأتون بين كل حبيبين فيزرعون بينهما بذور الحقد والكره ، ويحضرون عند المآتم ليستمتعوا بأحزان الناس , ناهيك أن يخففوا عنهم المصاب . جراثيم تعبس في وجه الفرح.. وتفرح في وجه الترح.. لا يطيب لهم يومٌ إلا بفتنة ، ولا تسعد أرواحهم الشقية إلا بمصيبةٍ تحل بأحد يرون أثر ضُرها به . جراثيم تعكر صفو عيش من تعايش.. وتزعج بنتن رائحتها لطيف الأجواء ... أتعس أيامهم الأعياد لأن فيها تتصالح قلوب متناحرة , وتتقارب أرواح متباعدة , وتعمر الابتسامة في العيد بيوتا كان قد غطى الحزن بثيابه عليها فأشهب وجهها , فجاءها العيد فكساها حلة السعادة ورسم عليها بسمة الطمأنينة , فمثل ذلك سم يتجرعونه ، وهم يعتلجونه ، لأنهم يكرهون الألفة ، ويألفون الفرقة جراثيم يسوؤها حسن غيرها.. يحزنها فرح ليس لها .. هذه الجراثيم الاجتماعية ، نفوس مريضة يعيك دواؤها ويضنيك سقامها.. هذه الجراثيم وضيعة ولو ارتفعت.. سفيهة ولو تعقلت .. حقيرة ولو تأمرت.. قبيحة ولو تجملت.. هذه الجراثيم لا تخجل مما تصنع ، بل تعده ذكاء وحنكة ، ودهاء وصنعة ، هذه الجراثيم يجب أن تباد من مجتمعاتنا بكل المبيدات الجرثومية قوية الفتك ، سريعة المفعول . أعزائي : جال بخاطري بعضاً من هذه المبيدات جربت بعضها فنجح ، وبعضها أخذتها من تجارب غيري سماعا ومشاهدة واستقراءا ً ، لعل فيها حلاً وعلاجاً للقضاء على مثل هذه الجراثيم ، واعلم أن لك جرثومة ما يناسبها فاختر وأضف واحذف ما يروق لك أخي القارئ فالمهم ليست الوسيلة المهم أنك تقضي عليها في مهدها قبل أن تكبر وتتكاثر وتتوالد وتضرب لها في كل ناحية بسهم . ومن ذلك : كشفهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد ، وكذلك يجب أن نواجههم بالحقيقية ولا نخجل , ننبذهم في مجالسنا ليشعروا بالمهانة لعلهم يرتدعوا ، وإن جاء أحدهم بنمة أو سبة أوقفه وردعه واتركه ولا تسير بخطاه وتجاريه فإنه داعية شر وبوق فتنة، ومن ذلك أن نوقعهم في شراكهم التي نصبوها, فلا نجاملهم على حساب فساد حياتنا ،ولا نسمح لهم بأن يعششوا بيننا ، لا نصغي ولا نرخي آذاننا لهم فهم أحقر من أن يجلجل صدى صوتهم في عقولنا وبين أنفسنا . أحبائي في جعبة كل واحد منا أكثر مما ذكر ,أحسن مما كتب . وهذه خاطرة صغت بعضها من فترة ليست بالبعيدة ، وبعضها يوم العيد لما سمعت بمثل هؤلاء يجوبون الشوارع بحثا عن بيئة ناضجة سليمة ليفسدوها . لعل فيها مساهمة ولو بالقليل للوقاية قبل العلاج . دامت أيامكم أعياداً ، وطابت لياليكم بالأفراح . محمد بن فرحان