عزيزي ساكن الدنيا .. ما أجمل تلك الأيام التي التقيت بك فيها قبل سنوات خلت على صفحات صحيفتي ( الجزيرة ) .. كنت وقتها أجمع بعض نزفي وأقدمه لك على طبق الود الخالص رغم ارتباطات الدراسة وتكالب الهموم على قلب مكلوم .. كانت رحلة طويلة ماتعة ولكنني اليوم سأختصرها ! سأختصر مسافات الزمن وآتيك بحرفي الذي اعتلاه الغبار لطول الهجر وأستجمع بعض ( قوى ) قلبي الذي لم يستطع أن يتصور بعدك حتى هذه الحظة .. وأكتب ! عزيزي .. تغيرت الأحداث وتغير الأشخاص ولكن قلوبنا الصافية لم تتغير .. ربما نُظر للأمور بمناظر آخر وربما لعبت الأحزان بقلوبنا .. وربما أحكم الصدأ قبضته على ذاكرتنا فأطبق أعيننا وذهبنا في سبات عميق خوفاً من الاستيقاظ على الحقيقة المرة .. ومع هذا لم نتغير ! عزيزي ساكن الدنيا .. لست وحدك من يسكن هذا العالم ولست وحدك من تجرع مرارته وذاق صنوف الأسى وشرب كؤوس الفقد .. تأمل من حولك فكم من مفجوع ، محزون ، كم من شخص أغلق عليه باب غرفته وراح يبكي همومه وآلامه ؟ كم من شخص حين نامت العيون بقي وحده يصارع المرض ويكفكف دموعه ؟ فيا عزيزي احمد الله أن مصيبتك ليست كغيرك وأنها لم تكن في دينك فهذا الذي لا عزاء فيه . تأمل حال الناس وكيف يفكرون ، كيف يتعاملون واتعظ بهم .. استفد من تجاربهم واسعد بنهلك من نبع تجارب الآخرين فإن كانت جميلة فزدها لرصيد أعمالك وخذ بها وإن كانت سيئة أو حزينة فاطرح فكرة تنفيذها من قلبك واستفد من غيرك فالسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ به غيره . عزيزي ساكن الدنيا .. كم من الأحداث مررنا بها وكم من المواقف التي سجلناها في الذاكرة وكم من الأشخاص الذين التقينا بهم في حياتنا ؟؟! عشرات التجارب والأحداث والأشخاص حطت رحلها في الذاكرة ولكن من منها بقت محفورة تحتفظ بتفاصيلها وكأنها للتو حصلت ؟! بالتأكيد .. يذهب الكثير ويبقى ما لسع القلب حرارته وكأننا تتطبعنا بهذا ؟! لماذا ننسى الجميل ونتذكر السيء ؟! ألأننا اعتدنا هذا أم لأن قلوبنا لم يعد فيها متسع لتحتفظ ببعض الجميل والذكريات السعيدة ؟! ربما لأننا ألفْنَا الحزن وألفَنَا فبتنا نخشى مضايقته من النزر اليسير من ( بقايا فرح ) فأصبحنا نستبعد ما علق بالذاكرة من عطر الأحداث والأشخاص ... ربما ! عزيزي ساكن الدنيا .. تذكر أن في حياتك أناس يحتاجون لالتفاتتك لهم .. امنحهم ودك .. اهتمامك .. تواصلك .. دعائك .. وبعض الذكريات ؛ فافتح صندوق الماضي واستخرج شيئاً من الذكريات الجميلة واشحذ همة قلبك واستمطر عينك فلربما رق قلبك لهم وزرتهم بعد انقطاع . ما يضرك لو رفعت سماعة الهاتف أو فاجأته بزيارة ودية وقلت له أتى بي الحنين إليك .. لا مانع من أن تمسك بيده وتفتح قلبك له وتقول له أتيت إليك وفي جعبتي ذكريات أيام خلت فهل تسمح لي بأن نسترجعها سوياً ؟ عزيزي .. في خضم أمواج الحياة تذبل أشياء كثيرة وتموت أمانٍ أكثر وأشياء ( سارة ) فتكون أثراً بعد عين رغم أنَّا بنيناها بأنفسنا وخططنا لأن نحققها يوماً ما فهل نمنح أنفسنا فرصة العودة إلى الوراء ونجمع شتات ما تفرق من أمرنا ثم نبنيه بتفاؤل و( أمل ) .