( والله لا يغفر الله لفلان ) كلمة أودت بصاحبها إلى النار مع أنه كان عابدا متنسكا، لكن العجب والغرور واحتقار الآخرين وقبل ذلك كله التألي على الله بأن لا يغفر لهذا ولا يرحم ذاك جعله يدخل النار .. هذه المقدمة أسوقها لأننا أمام طوفان من التألي على الله أظهرته مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة كبيرة ومقززة، لا شك أن هناك فئات من المجتمع قليلة تمارس التجديف والاستفزاز بطرق ملتوية ومغايرة لكن بالمقابل ليس لنا أن نوزع صكوك الغفران عبر تغريداتنا وصكوك النيران. البعض مع الأسف الشديد يعيش بطريقة تبين مدى عدم قدرته على تقبل أي رأي والإسراع بشكل مباشر ليس إلى تصحيحه أو الرد عليه ناهيك عن إمكانية قبوله، بل يسعى أن يطلق أعتى الأسلحة التي لا يملكها حقيقة بل يعبث بها وهي سلاح التكفير ! تارة بحجة وتارات بغير حجة بل غضب واندفاع ينقلب إلى تبني وفجور في الخصومة بأقصى أنواعها !، بل وجدت من الأصدقاء الذين يعرف بعضهم بعضا من عشرات السنيين ومع ذلك اذا ما تناقشوا في مسألة ما واختلفوا على نقطة قابلة للنقاش على أقل تقدير من طرف أحدهم ويكون مقتدر ومسبوق اليه في هذه المسالة يسارع الطرف الثاني الى إرعابه أو إسكاته أوتهديده بالخروج من الإسلام ،،! إن الهوس في إبعاد الناس عن رحمة الله بزلة أو اختلاف رأي ليس إلا صورة من صور(والله لا يغفر الله لفلان) لكن بطرقة مختلفة ومغايرة. لا أعتقد أني شاهدت مجتمعا مهووسا بهذه الفكرة فكرة التكفير بكلمة يختلف عليها الناس سوى مجتمعنا ،؟ ربما هي نتاج ثقافة تعتمد على التخويف والإلغاء لكنها بكل تاكيد ليست ثقافة الإسلام ولا روحه التي دافع عنها النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لأسامة (أشققت عن قلبه )؟ ربما يحدثني أحدهم عن النفاق، النفاق ليس سوى مصطلح لمعرفة الإنسان لذاته ومحاسبتها وليس بمقدور الاخرين معرفة من المنافق، نعم ليس بمقدورهم الحكم على فلان أنه منافق بمجرد كلمة لقد قال المنافقون في المدينة أقبح كلمة( ليخرجن الأعز منها الأذل..) ولم يقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم مع أن الوحي أخبره بهم، لكن النبي يراعى عقول البشر( أيقتل محمد أصحابه ! أبو بكر وعمر وعثمان وعلى لم يقتلوا شخصا علموا نفاقه والسبب أنه اتفق العلماء على أن المنافق إنما يعامل في الدنيا من قبل المسلمين على أنه مسلم، يعامل كذلك وإن كان نفاقه مقطوعًا به، ولأن التكفير ليس كلمة تطلق بل حكم قضائي له تبعات كبيرة تتعلق بالحياة والزواج والميراث وغيرها. "من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك"