تقيم الشركة السعودية للزيت ""أرامكو"" في هذه الأيام معرضا أطلقت عليه اسم ""إثراء""، ويهدف المعرض إلى نشر المعرفة في المجتمع خصوصا في أمور تتعلق بالابتكار والاختراع إضافة إلى التوعية بأمور تتعلق بالطاقة والترشيد في استخدامها، المعرض أقيم في منطقة واسعة داخل شركة أرامكو في مقرها في الظهران ليحوي مجموعة من البرامج التي تقدم بصورة مشوّقة لمختلف شرائح المجتمع بمختلف أعمارهم واهتمامهم ووظائفهم، ويلاحظ كل من يتسنى له زيارة المعرض الإقبال الكبير من أفراد المجتمع كشاهد على نجاح الشركة في التسويق له والدعوة لزيارته لكل أفراد المجتمع، إضافة إلى الأسلوب الذي تقدم فيه المعرفة داخل المعرض، الذي جعله مشغولا طوال فترة العرض خلال اليوم. التعليم اليوم أصبح يتطور في وسائله وطرقه وأدواته، والمعرفة أصبحت أيضا تقدم بأشكال مختلفة ومتنوعة وأصبحت المؤسسات التعليمية التقليدية لا تجد لها مكانا في عالم يكتظ بالمعلومات والمعرفة بوسائل حديثة متعددة تعتمد سرعة الاتصال وكماً هائلاً من المعلومات، فمن خلال إدخال جزء من المعلومة التي يريد أن يصل إليها الشخص داخل أي من محركات البحث العالمية يجد مجموعة هائلة من المصادر التي تقدم بصور وأشكال مختلفة من خلال مواد مكتوبة وصور ومقاطع الفيديو، وبمختلف الطرق والوسائل. واليوم أصبح الإنسان يصل إلى هذه المعلومات من خلال جهازه المحمول الذي يحمله في جيبه دون أن يتكبد عناء الذهاب إلى أجهزة في المنزل أو المكتب، لا يمكن في ظل هذا التحول الكبير في مصادر المعرفة أن يكون للوسائل التقليدية التأثير في المتلقي، حيث أصبحت الوسائل التقليدية للتعليم تقدم مادة محدودة بأسلوب ممل جدا لهذا الجيل، بل قد يكون من لا يتقن أدوات المعرفة من خلال وسائل الاتصال الحديثة في المستقبل يصنف بأنه أمي مقارنة بالسواد الأعظم من المواطنين الذين يعتمدون عليها في كثير من تفاصيل حياتهم وفي زيادة إثراء رصيدهم المعرفي. معرض ""إثراء"" اشتمل على مجموعة من البرامج تبدأ من 100 اختراع واختراع غيرت العالم، التي تضمنت مجموعة من المخترعات غيرت فعليا في مسار وحياة البشر بدءا من فترة ما قبل الميلاد بأكثر من ألفي عام إلى نهاية القرن الماضي، ومن يتمعن في هذه المخترعات يجد أنها فعلا غيرت كثيرا في حياتنا. كذلك من الأمور التي أعتنى بها المعرض مسألة تنمية الاهتمام بالإبداع لدى الأطفال من خلال برامج توضح لهم كيف فكر الإنسان بظواهر محيطة به ليتمكن من الابتكار لتلبية احتياجاته الإنسانية وتغيير حياته للأفضل، إضافة إلى أن المعرض اهتم بموضوع التعريف بالطاقة وأهمية الترشيد في استهلاكها، ووضح حجم الهدر الكبير الذي يمارسه المواطن في المملكة مقارنة بأقرانه في مختلف دول العالم الذين يستهلكون بنسبة أقل بكثير، إضافة إلى أن لديهم برامج وخططا تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر للطاقة، والتوسع أكثر في استخدام الطاقة المتجددة، ووضح الإخوة المنظمون للزوار أساليب وطرقا تقلل من استهلاك الطاقة في الوقت الذي يمكن أن يحصل المواطن فيه على احتياجه. المعرض حقق نجاحا مبهرا بدليل عدد الزوار الكبير؛ وهذا ما يدعو للسؤال عن مدى عناية الجهات الأخرى بمثل هذه البرامج في نشر المعرفة، خصوصا أننا نجد إقبالا كبيرا من المواطنين الذين يبحثون عن وسائل مشوّقة للمعرفة، وخصوصا أن هناك حرصا شديدا في خطة التنمية للتحول إلى مجتمع المعرفة الذي نتطلع إليه ونؤمل أن يكون واقعا في حياتنا في المستقبل القريب، وهو خيار استراتيجي يزيد من فرص تنافسية المملكة اقتصاديا. كما أن مثل هذا المعرض يفترض أن يكون مبادرات من جهات متعددة خصوصا التي تقدم خدماتها التعليمية للمجتمع مثل مؤسسة التعليم العام والتعليم العالي والتعليم الفني والمهني، إضافة إلى بعض المؤسسات والوزارات مثل الصحة وشركة الكهرباء والمياه، وأن تقام في مختلف المناطق والمدن ويختار لها أوقات مناسبة للأفراد، ومن الممكن التنسيق بين مختلف الجهات لعمل معرض مشترك فيما بينها ولكن بتنظيم متميز بمستوى معرض ""إثراء"". الخلاصة: إن معرض ""إثراء"" الذي تقيمه ""أرامكو"" صورة مميزة لجهود تقديم المعرفة بأسلوب الترفيه والتشويق، وهذا يحفز الجيل على الابتكار والإبداع، وأن تكون المعرفة هواية واهتماما له طوال اليوم، كما أنه يسهم في زيادة الوعي المجتمعي تجاه احتياجاته، وهذا المعرض يفترض أن تقام على شاكلته مجموعة من المعارض في مختلف مناطق المملكة تشارك فيها جميع الجهات التي تقدم المعرفة للمجتمع.