في الصحافة أو في مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى في المجالس، انتقد وزارة الصحة، الخطوط السعودية، وزارة العمل ... إلخ، الانتقاد مقبول ونادرا جدا أن تجد من يعارضك في انتقادك، حتى إن كان مبالغا فيه، لكن أن تنتقد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا أمر غير مقبول، رغم أن جميعها قطاعات حكومية تعمل داخل هذا الوطن، ولكن "الهيئة" خط أحمر لدى الكثير من الأشخاص، والسبب في وجهة نظري أن "الهيئة" مرتبطة ذهنيا لدى البعض بالدين، لذلك يرى عدم قبول أي انتقاد لهم حتى وإن كان في خطأ كبير تسبب في مقتل أحد الأشخاص. هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لها أدوار مهمة في مجال كشف وإتلاف مصانع الخمور المصنعة محليا، وكذلك في القبض على المشعوذين والدجالين الذي يحتالون على الناس، وكذلك القبض على المبتزين للنساء وغيرها من الأعمال المفيدة للمجتمع بشكل عام، وهذه الأعمال التي ذكرت لا أظن أنه يوجد عاقل ينتقد "الهيئة" في تنفيذها، بل يشد من أزرها ويتمنى منها مضاعفة الجهد للقضاء على مثل هذه الأمور في وطننا، لكن دائماً النقد ما يكون في حق تصرفات "بعض" العاملين في جهاز الهيئة عندما يتجاوز الأمرُ النهيَ عن المنكر بحدوث منكر أكبر منه، وهو إزهاق روح أو تعريضها للأذى بسبب هذا المنكر، الذي قد يكون هو ليس منكرا متفقا عليه، ولكن يرجع إلى تقدير هذا الشخص. أخطاء الهيئة كما تشير بعض الإحصائيات ليست بالكم الهائل، لكن في الغالب تنتج عنها وفيات لمطاردين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لذلك مثل هذه الأخطاء حتى إن كانت قليلة فهي تصبح غاية في الخطورة؛ لأنها في المحصلة تكون إزهاقا لروح إنسان، ومن هنا يكثر الحديث عنها. الكثير من المعارضين لانتقاد "الهيئة" يبررون هذا الرفض بأن لها أعمالا حسنة وهي تغفر لهم هذه الأخطاء، وهذا في وجهة نظري ادعاء غير مقبول، فمثلا وزارة الصحة تنقذ الكثير من المرضى سنويا من خلال مستشفياتها، لكن حدوث خطأ طبي أو تأخيرا في المواعيد، أو عدم الاهتمام الكافي بالرعاية الطبية، يجعل الجميع يغضب حول هذا الخطأ، حتى إن البعض يطالب باستقالة الوزير، والسبب بالتأكيد أن هذا الخطأ مرتبط بحياة إنسان، وهي أمر في غاية الخطورة. معالي الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ رئيس عامة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، استطاع خلال فترة توليه هذا المنصب، إحداث الكثير من التغيير، وإصدار العديد من القرارات التي انعكست بشكل إيجابي على الهيئة، مثل منع عمل المتعاونين، إضافة إلى منع المطاردات، وإعطاء دورات تدريبية للعاملين ميدانيا، وهذا أمر يبعث أملا في تطور هذا الجهاز أكثر وأكثر. أهمية جهاز الهيئة مرتبط بأهمية شعيرة دينية، وإساءة التصرف ينعكس بشكل سلبي على ذلك، فأكثر من يتعرض إلى مشاكل سواء كانت صغيرة أو كبيرة هم من المراهقين والشباب، وهؤلاء لا ينفع معهم أسلوب العنف أو الإجبار، بل إن هذا الأسلوب يولد ردة فعل عكسية، وقد حدث في الماضي قضايا اعتداء على رجال من هيئة وصلت بعضها إلى إطلاق النار والقتل، وهذا أمر خطير على الطرفين. أتمنى في الفترة القادمة أن تنتهي قضايا المطاردات، واستخدام العنف في النهي عن المنكر، فالدين النصيحة، وهذا قول رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم- كما أن حث الناس على العبادات مثل الصلاة لا يأتي بالإكراه أو الترهيب من قبل رجال الهيئة، فمن لم يصلِّ لله وحده، فلن تقبل صلاته إذا كان يصلي من أجل الإفلات من عقاب "الهيئة"، لذلك أكرر: يجب التركيز على تقديم النصيحة بأسلوب جميل، يجعل المقصر أو المرتكب للمنكر يخجل من فعلته ويعود إلى أمر رشده.