هل لدينا متحدث اقتصادي أو مالي أو في الخدمة المدنية؟ ما أثير مؤخراً حول الراتب وكفايته وخصوصاً عبر تويتر أمر يستحق أن تصدر بشأنه ايضاحات رسمية؛ فذلك سيكون بمثابة بذرة لحوار حول الأمر مع الطرف الرسمي ذي الصلة؛ إذ أن الكثير من النقاط أثيرت حول الراتب والبدلات بما في ذلك تضخم الأسعار وضرورة الحفاظ على مستوى المعيشة. وهذه النقاط تستحق أن تحصل على إجابة رسمية شافية ووافية، بل مفيدٌ أن تعقد من أجل ذلك ورشة عمل أو حتى جولة للحوار الوطني حول «مستوى المعيشة والدخل»، فهذه قضية تتعلق بما يصل لجيب الموظف ليقوم بما عليه من تكاليف الحياة. ولعل البديل أن يستضيف مجلس الشورى الموقر الجهات المعنية ويناقش معها أمر الرواتب ومستوى دخل المواطن. هناك العديد من الحقائق المهمة التي بوسع الجهات الرسمية ابرازها من خلال اجتماعات من هذا النوع، كما أن بوسعها الاجابة عن الأسئلة التي أثيرت مؤخراً حول الراتب. والنقطة الثالثة، أن عدداً من الرسميين اعتاد أن يدفع بأن بعض وجهات النظر والمطالبات قائمة على حماس وعواطف جياشة! وبوسع المسئول أن يعرض ما لديه من حقائق لعله يهدئ من روع المتحمسين ويطفيء عواطفهم. كما أن بوسع المسئول في جلسة الحوار أو في جلسة للشورى أن ينورّ المجتمع ككل بأن يحسب حساباً (بالورقة والقلم) لماذا يجب أن يبقى أمر الرواتب والمراتب كما هو عليه الآن، أو لماذا يجب أن يتعدل. قد يعتقد البعض أنه ليس أمراً معتاداً أن يجيب المسئول، لكن من مهام المسئول أن يبرر موقفه لأصحاب العلاقة، وإلا لماذا تعقد اللقاءات والمقابلات وتبث النشرات الصحفية والاعلامية وتنشر الكتب الاحصائية السنوية منها والفصلية؟! هذا فيما يتعلق بأهمية أن يخرج المسئولون المعنيون عن «الراتب» عن صمتهم، وأما ما عليهم الإجابة عليه من أسئلة متعلقة بالراتب فلا يتجاوز 3-4 أسئلة ليس أكثر، الأول: كيف نقارن بين مستوى المعيشة الآن وقبل عقد وقبل عقدين من الزمن، أي ما هو متوسط دخل الفرد السعودي؟ والحديث هنا ليس عن قسمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان بل عما هو أدق وأعمق. الثاني: هل تغلغلَ الانفاق العام التاريخي وغير المسبوق فأثر على معيشة المواطن الفرد؟ لماذا لا تصرف زيادة شهرية نظير غلاء المعيشة، لاسيما أن التضخم نشط بشهادة النشرات المتخصصة التي تصدر عن مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات، وان الحكومة الموقرة سبق ان صرفت بدلاً لثلاث سنوات متتالية قدره 5 بالمائة سنوياً؟ والسؤال الأخير، لماذا يصبح القطاع الخاص غير معني بدفع بدل غلاء معيشة لموظفيه؟ وكما تلاحظون فالأسئلة مباشرة وليست حمالة أوجه، وبعد تقديم الاجابات فالجميع سيخضع لمنطق الأشياء. وكما ندرك جميعاً، فراتب الموظف ومزاياه لا تحدد جزافاً ولا بناء على انطباعات بل على أسس مستقرة، وكل ما هو مطلوب الركون إليها واتباعها، وندرك أن الكوادر والبدلات بل حتى سلالم الرواتب تخضع دائماً لمراجعات وتقييمات ودراسات ميدانية دورية لا تنقطع للإطمئنان إلى: أن ما يدفع من رواتب منسجم مع متغيرات سوق العمل، وأن الرواتب «ترمم» سنوياً للحفاظ على قيمتها الشرائية وبما يعوض عن غلاء الأسعار.