شهر رمضان على الأبواب، وعند مقدم الشهر الفضيل تجد من يشد المئزر ويستعد للعبادة وهناك من يستعد لتحقيق مكاسب ولو كانت «بسلخ جلد» المستهلكين. وتتعزز قدرة من يتطلع للتكسب الجشع في الشهر الفضيل في ظل تزايد الطلب والرقابة الضعيفة التي ليس بوسعها تغطية المحال المنتشرة في طول البلاد وعرضها. ثم أننا في كل عام في مثل هذه الأيام نفتح ذات الموضوع ونتناوله وكأن رمضان فاجأنا! في حين أن بوسع الجهات المسئولة عن حماية المستهلك أن تستعد لمواسم رمضان والأعياد لضبط الاسعار بطرق مبتكرة. لكن السؤال هو: إن كان مرفوضا التلاعب بالمعروض من البضائع بقصد رفع الأسعار عبر نشر شائعات أو حبس الكميات المعروضة، فماذا عن الارتفاع في مؤشر الأسعار الذي ترصده الأجهزة الحكومية وتعلنه شهراً بعد شهر. بل السؤال: لماذا ترصده تلك الأجهزة وما الهدف من نشره؟ هل القصد هو قياس التغيير في الأسعار من باب الثقافة واشباع الفضول؟ أم لمجرد تعبئة نماذج وتوثيقها في الكتب الاحصائية؟ أم لإرسالها للأجهزة الدولية ذات الصلة؟ قد يكون لكل تلك الأسباب وسواها لكن أهم سبب يجب أن يكون هو استخدام ذلك المؤشر لتعويض الموظفين عن تآكل معاشاتهم نتيجة للتضخم. ما دامت الأجهزة الرسمية ممثلة في مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات تقيس التضخم وتنشر بياناته نشراً شهرياً رتيباً، وما دامت مؤسسة النقد توثق ذلك في نشراتها وكتابها السنوي الواسع الانتشار، فذلك يعني ان هناك إقرارا عاما بأن الأسعار تتغير وليست ثابتة وأن القيمة الشرائية للريال تتآكل بسبب تضخم الأسعار. هذه مسلمات ليس فيها جديد، وما دامت كذلك فيتبع أن يكون هناك تحرك لإدراج بدل غلاء معيشة لكل ذي راتب سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص. وعلينا استذكار أن الحكومة الموقرة دفعت لموظفيها بدل غلاء معيشة قدره خمسة بالمائة بالتمام والكمال سنوياً لثلاث سنوات ثم توقفت، لكن التضخم لم يقف، وهناك ما يبرر مواصلة دفع بدل الغلاء سنوياً لموظفي الحكومة؛ إذ أن ذلك مسعى للحد من التآكل في القيمة الشرائية. وفي القطاع الخاص، فمن الضروري أن تأخذ وزارة العمل زمام المبادرة وتفسر نصوص نظام العمل بما يوجب دفع مؤسسات القطاع الخاص بدل غلاء معيشة للموظفين بقدر يعادل ما تدفعه الحكومة لموظفيها. وبالتأكيد فإن هذا البدل يجب أن يدفع للمتقاعدين العسكريين والمدنيين وكذلك لمن يتلقى إعانة من الضمان الاجتماعي إذ أن القصد منها الحفاظ على الدخل مستقراً‘ فإن لم نفعل فستضطر الأسر للاستغناء بالتدريج عن بعض الضروريات للتعايش مع الدخل المتضائل. لكن ما علاقة بدل غلاء المعيشة بمقدم شهر رمضان المبارك؟ لعل السبب أن الانفاق يرتفع لذروته في الشهر الفضيل وتتبعه مصاريف مرتبطة بمقدم العيد المبارك ثم العودة للمدرسة ثم عيد الأضحى المبارك. في هذه المواسم التي تسعى الأسر للإلتئام ولرسم البسمة على محيا أطفالها تكون في قمة الحاجة لكل دعم، ولعل من الملائم أن يضاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر رمضان من كل عام وبذلك ننهي جدلاً لا مبرر له. تويتر: @ihsanbuhulaiga