كتبت هنا منذ أسابيع عن بدل الغلاء، وأن التضخم ملازمنا منذ سنوات وأن التعويض عن التضخم يكون من خلال إضافة بدل للراتب، بل أن ما أقدمت عليه الحكومة الموقرة من إضافة بدل سنوي قدره 5 بالمائة كان مبرراً أن يستمر لا أن يتوقف بعد ثلاث سنوات، ومصدر وجاهة استمراره أن مؤشر الأسعار (التضخم) استمر في النمو في حدود 5 بالمائة، ولم يتوقف بعد انقضاء السنوات الثلاث، أي أن «العلة» مازالت قائمة أو «جاثمة». فما دام أن التضخم «شغال» فلم «نعطل» البدل؟! وبدل التضخم هذا زيادة سنوية تضاف للراتب تعادل المعدل السنوي للتضخم في العام السابق بهدف الحفاظ على القوة الشرائية، وبطبيعة الحال فبدل غلاء المعيشة المقترح ستعمل به المؤسسات الحكومية ومؤسسات وشركات القطاع الخاص على قدم وساق. بل ان مؤسسات وشركات القطاع الخاص يجب أن تكون سباقة لدفع هذا البدل للموظفين والسبب هو أن مؤسسات القطاع الخاص هي من يرفع اسعار سلعها مبررة ذلك بأن التكاليف في تصاعد! وهكذا تصبح تلك المؤسسات تأخذ باليمين من الزبون وتدفع بعضه باليسار لموظفيها. أقول هذا رغم إدراكي أن هناك من يعتقد أن الراتب له من اسمه نصيب، أي يجب أن يبقى رتيباً مستقراً لا يتغير ولا يتبدل! وبطبيعة الحال، هذا أمر لا يعقل، لسببين: أولهما التضخم وضرورة التعويض عنه. وثانيهما أن الارتقاء بمستوى معيشة الفرد أمر ينتج عادة من الازدهار الاقتصادي، وبلادنا - ولله الحمد والمنة - تعيش انتعاشاً اقتصادياً منذ سنوات، وهذا الانتعاش نلمسه في الانفاق العام المتعاظم والذي ينعكس إيجاباً على القطاع الخاص الذي تقوم الكثير من مؤسساته على بيع السلع والخدمات للحكومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبذلك تحقق المزيد من الأرباح والتوسع عاماً بعد عام. والقصد هنا، أن «الانتعاش» لابد أن يصبح حالة عامة، فإن زادت وتنامت أرباح الشركة فلابد أن يصيب موظفيها نصيب من ذلك، إذ لا يستقيم أن يقتسم الملاك الأرباح نتيجة لتحسن السوق ومبيعاته وهامش الربح ثم لا يحصل الموظف إلا على راتبه الراتب وكأن شيئاً لم يستجد! وهكذا، فللحفاظ على رضا الموظف فلابد من توفر أمرين على الأقل فيما يتعلق بمزاياه المالية: صيانة وحماية راتبه من التآكل بسبب «اهتراء» القوة الشرائية بدفع بدل سنوي مقابل الغلاء، وأن يحفز الموظف بأن يلمس النجاح المالي للشركة ملمس اليد بأن ينعكس ذلك زيادة تحفيزية، إذ يجب ألا نغفل عن أن ذات الموظف قد يتعرض للتسريح واقتطاع البدلات في حال أن الشركة عانت من خسائر. ولابد من الاقرار أن المطالبة بتحسين الرواتب سواء لموظفي الحكومة أو القطاع الخاص أمر يستحق دراسات ميدانية قائمة على منهجية تريد الحصول على إجابات حقيقية، إذ ليس ملائماً ان يركن المسئول إلى انطباعات من نوع أو آخر ان ما يقدم من رواتب كاف أو ملائم او مناسب أو منافس، بل عليه أن يجري المسوح الميدانية الدورية وبناء عليها يتخذ قراراً، فالموظف الذي لا يسد راتبه احتياجاته سيكون في حالة عدم استقرار دائم باحثاً عن عمل آخر او مصدر دخل آخر، وبالمقابل فكفايته المالية ستعني مزيداً من الانتاجية والرضا والتحفز. توتير: @ihsanbuhulaiga