خلطت لائحة الأندية الأدبية بين الأدباء ودارسي الأدب، بين الشعراء ودارسي الشعر، فجعلت من عضوية الجمعية العمومية حقا مباحا ومتاحا لخريجي أقسام وكليات اللغة العربية في الجامعات، وفي ذلك الخلط تجاوز لمفهوم الأديب شاعرا كان أو قاصا أو روائيا أو ناقدا، ومساواة بينه وبين طلاب متخصصين لا يمكن لأحد أن ينكر عليهم فضلهم وعلمهم غير أنه ليس الفضل ولا العلم الذي يخولهم أن يسموا بالأدباء ما دامت هذه الدراسة التي درسوها والعلم الذي تلقوه لم يخرج من بينهم شاعرا أو قاصا أو روائيا أو ناقدا، وليس من المطلوب منهم ذلك فمن المعلوم أن الموهبة التي تشكل الأساس الذي يتم تدعيمه بالقراءة هو ما يصنع الأديب وليس دروس ألفية ابن مالك ولا عروض الخليل ولا بلاغة السكاكي. فتح الباب لعضوية كل من يحمل شهادة جامعية في تخصص اللغة العربية هو ما أفضى إلى إحجام كثير من الأدباء في مختلف المناطق عن الالتحاق بعضوية الجمعيات العمومية للأندية الأدبية في مناطقهم، ولهم الحق في ذلك، فالأندية الأدبية ليست جمعية لخريجي أقسام اللغة العربية، ممن لا يمتلكون من موهبة الأدب شيئا ولا يحملون غير ما يؤهلهم للعمل في حقل التعليم وليس لتقحم مجاهل الشعر والسرد التي لا يعلمها إلا من خبر مضايقها. اللائحة التي وهبت حق العضوية لأي طالب متخرج حديثا من الجامعة مهدت بذلك إلى مسألة أخرى لا تقل خطرا تمثلت في أن أصبحت إدارات الأندية الأدبية امتدادا لمجالس كليات وأقسام اللغة العربية، إذ لن تعدو اختيارات خريجي أقسام اللغة العربية التصويت لأساتذتهم عند الانتخابات ولم يعد رئيس النادي الأديب والشاعر بل أصبح الأستاذ الدكتور، وليس في ذلك انتقاص له أو تقليل من شأنه، غير أن علينا أن نتفق على أن المكان الطبيعي له هو إدارة الشأن الثقافي من خلال اللجان الثقافية داخل الجامعة والمشاركة الفاعلة والمؤثرة في نشاطات وفعاليات الأندية الأدبية، وقد ظل أساتذة الجامعات خير معين وداعم ومشارك في الأندية الأدبية دون أن يحتلوا مجالس إداراتها ويقصوا الأدباء الذين يعانون من حالة اقصاء دائم من أنشطة الجامعات المحرمة على غير منسوبيها طلابا وأساتذة. اللائحة التي كان هدفها دعم العمل المؤسساتي للأدباء انتهت إلى إقصائهم أو حملهم على النأي بأنفسهم عن الأندية الأدبية وتركها لمن لا يحسن من اللغة غير النحو ومن البلاغة غير علاقات التقديم والتأخير ومن الشعر غير عروض الخليل.