نصت لائحة العضوية للأندية الأدبية في المادة السادسة على تحديد مستوى المؤهل ولم تُحدّد التخصص. وهذه ثغرة في اللائحة كشف عنها التطبيق الميداني للانتخابات التي أجريت حتى الآن في مكةوالجوف. وهي ثغرة تُضاف إلى غيرها ممّا يحسن بنا أن نسعى جاهدين لمعالجتها بعد مرور سنة على هذه الانتخابات. على أن الثغرات تحدث مع كل عمل بشري. وهي لا تُقلّل من الجهد البشري المبذول، ولكنها تجعلنا نُصِّحح أخطاءنا بالتجربة والممارسة؛ فالجانب النظري فيه اجتهاد وحرص لتلافي العيوب وحلّ المشكلات التي تطرأ، ولكن العمل الميداني هو المقياس الحقيقي الذي يمكن الركون إليه لأنه يجعلنا نختبر عمليًا تلك النظريات أو المقولات بعد أن تكون على المحك. واللائحة فيها مرونة تساعدنا على تصحيح الأخطاء أولاً بأوّل أو تلافي الآثار السلبية ما أمكن. وعلى هذا، فإن الأندية الأدبية اتّجهت إلى هذه الفئة من المجتمع، وهم المهتمون بالأدب وشؤونه. والواقع أنَّ المهتمين بالأدب كثيرون؛ منهم من له علاقة مباشرة به بحكم التخصص في اللغة وآدابها، ومنهم من يرتبط بالأدب عن طريق الهواية والممارسة. ولأن لكل تخصِّص كياناً يجمع المعنيين به من جمعيات تاريخية وجغرافية وفلكية وطبية وهندسية... إلخ، فقد جاءت فكرة أن الأندية الأدبية تكون لمن لهم علاقة بالأدب سواء بالتخصص أو بالاهتمام. أما المتخصص فقد رأت بعض الأندية تحديده في اللغات وآدابها وهناك من جعله في العربية وحدها. أما الاهتمام بالأدب فهو محلّ جدل؛ فهل كل متذوّق للأدب يدخل ضمن المهتمين؟ أم أن هناك حدودًا معينة يُقاس عليها الاهتمام؟ والواقع، أن الاهتمام بالأدب يشمل كثيرين ولا يمكن حصره في حدود ضيّقة. ولكن اللائحة التي وُضعت لتنظيم العمل حرصت على الدقّة، فحدّدت الاهتمام بالأدب بوجود نتاج أدبي مطبوع، وبهذا يُصبح النادي الأدبي للأدباء والمهتمين بالأدب. وقد يتساءل البعض عن المهتمين بالأدب من غير المتخصصين ممّن لم ينشروا نتاجهم الأدبي، فهؤلاء لا يمكن تحديدهم بدقّة منهجية نستطيع بها حصرهم. ولهذا، فإن عدم شمولهم في العضوية ربما يُعطيهم دافعًا قويًا لإبراز أعمالهم ويشجعهم على الحرص على نشر إنتاجهم لكي يعرفهم الناس ويطلعوا على عطائهم. د. فاطمة الياس ونظرًا للصعوبة التي تُواجهها الأندية الأدبية في قبول كل من يحمل مؤهلاً علميًا بسبب كثرتهم كثرة طاغية تؤثر على جودة العمل، ولأن وجود أعداد هائلة تجعل من الصعب إن لم يكن من المحال متابعة سير العمل فضلاً عن مراقبته. وقد لوحظ أن الكثرة الساحقة لتخصَّصات بعيدة عن مجالات النادي تُفضي إلى مخالفات، فهناك من جلب استمارات كثيرة لغيره، وهناك من عبأ بنفسه استمارات آخرين بما يُوحي بوجود تكتلات. والتكتلات ممنوعة في اللائحة، فقد ورد في المادة (20)، الفقرة (4)، ما ينصّ على عدم جواز الاتفاق بين المرشحين على قوائم انتخابية مُوحّدة أو التضامن فيما بينهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ومع أننا نرحّب بانتماء الجميع إلى هذا القطاع ومساهمتهم فيه، إلاّ أن الحرص على النوع يجب أن يُقدَّم على الحرص على الكمّ. ولهذا، فإن الواقع فرض على إدارات الأندية الأدبية وضع معيار دقيق يمكن القياس عليه واختباره. واللائحة نصّت في المادة (38) على صلاحية معالي الوزير لاتخاذ القرار المناسب بشأن ما يطرأ. ومن هنا، فقد تكرّم معالي الوزير بتقديم التفسير الآتي: «مُنحت الأندية الأدبية الحريّة كاملةً في تحديد المواصفات التي ينبغي توفّرها فيمن يستحق عضوية جمعيتها العمومية». وهذا تفسير لاحق يُعطي إدارات الأندية الأدبية الحقَّ في تحديد المؤهل. وبناء عليه، فقد وضعت الأندية الأدبية هذا المعيار وفقًا لتفسير معالي الوزير الذي سبق نشره في الصحف. وقد قام كل من نادي الجوف ونادي حائل وغيرهما بوضع شرط التخصص، ضمن الحدود التي أعطيت لهم. ولم يظهر لنا في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية أن هناك من تضرَّر من هذا الشرط في انتخابات الجوف، ونأمل ألاَّ يتضرّر أحد من المهتمين بالأدب من هذا الشرط في بقية الأندية. ماجد الثبيتي واختتمت الوكالة بيانها بأن وزارة الثقافة والإعلام تسعى إلى تشجيع كافة أفراد المجتمع – رجالاً ونساء – إلى المشاركة في النشاط الثقافي للأندية سواء أكانوا ضمن أعضاء الجمعية العمومية أم من خارجها لأن نشاط الأندية الأدبية ليس مقصورًا على أعضائها. كما تحث من لديه إنتاج أدبي إلى المسارعة بنشره وفق آلية النشر العلمي المتعارف عليها لكي يُضيف إلى ثقافتنا بُعدًا معرفيًا وجماليًا جديدًا، وليس فقط لكي يضمن عضوية في الجمعية العمومية. إن الهدف من الجمعية العمومية ليس العضوية بذاتها ولكن العضوية مجرد تنظيم، في حين يكمن الهدف في التعاون والتآزر في بناء الأنشطة والفعاليّات وصياغة القرارات الثقافية من أجل الوصول إلى أنجح السبل لنشر ثقافتنا وإبرازها والاستفادة من المعطيات الحديثة للنهوض بوسائلها من أجل خدمة أفضل للمجتمع. "ثقافة اليوم " استطلعت آراء مجموعة من المثقفين حول تحديد التخصص لحاملي المؤهل العلمي لمن يريدون الانضمام لعضوية الأندية الأدبية وخلصنا بالتالي: يقول الأديب والقاص ناصر الجاسم: بالتأكيد أن صاحب الحرفة هو من يستطيع الإبداع والعطاء في مجال حرفته، وممن له علاقة بحرفته فهو يستطيع أن ينجز فيها الكثير بعكس ممن ليس له أي باع في الحرفة بل يحاول فبالتأكيد إن حاول ونجح ولكن فشله سيكون أكبر من نجاحه، لذا فقد كان التخصص الأصل في المجتمعات الحديثة ، والأدب بطبيعته صعب ومن النادر أن يكون عدد الأدباء في المجتمعات كثير ، إذًا انه في العادة لايبرز في المجتمع المليوني أديبان يدفعهما الأدب للبروز للعالمية . ويضيف الجاسم : فمتعاطي الأدب ومتذوقة خبيص ممن يحبون الشعر والسرد والنقد وبالتالي فالعلاقة الهامشية متوفرة وبنسب لاتعد ولاتحصى، والعلاقة بين الاكاديمين الأدبية قد تكون نادرة، فأنا أؤيد وبشدة بيان الوزارة حول تحديد اللغة العربية وآدابها شرطا للمؤهل العلمي ، حتى لاتكون الأندية لكل من له حرفة ومن لايكون له. أما القاص تركي العسيري فقال: عندما تختزل الوزارة شروط عضوية الأندية الأدبية في المؤهل الدراسي (لغة عربية وآدابها) فهذا يعني ببساطة أن وزارتنا المحترمة تعيش خارج الهّم الثقافي، فعمر الأدب ماكان مؤهلا دراسيا ,كما أن شهادة اللغة العربية لا تمنح صاحبها حق التحدث باسم الأدب والثقافة , ولو كان الأمر كذلك لكان علينا أن "نشطب" من فصيلة الأدباء والمثقفين أسماء عظيمة لا تملك هذا المؤهل السحري كالعقاد والماغوط وزكريا تامر وغيرهم من الذين كان مؤهلهم الحقيقي الموهبة والإبداع , هذه سقطة مخجلة ماكان للوزارة لو تأنت أن تقع فيها , ويبدو لي أن الأندية الأدبية ضحية قرارات متسرعة تلقى دون دراسة ودون استشارة المثقفين ممن يعنيهم الأمر , وليس عيبا أن تعدل عن تلك القرارات , لماذا لا يكون الشرط الوحيد لمن أراد أن يلتحق بركب عضوية تلك الأندية أن يكون الشخص مثقفا حقيقيا ومبدعا أصيلا في مجالات الأدب المختلفة وما عدا ذلك من شروط لاقيمة لها , فقد انضم لتلك الأندية كل من هب ودب وبقي المثقفون الحقيقيون ينأون بأنفسهم عن دخول تلك الأندية , اللهم إلا إذا كانت الوزارة تريد أن تحول تلك الأندية الغلبانة إلى مدارس متوسطة فذاك أمر آخر ..!! أما الدكتورة فاطمة إلياس فقالت : اللائحة قبل التعديل كانت ملتزمة بشرط أن يكون المؤهل العلمي متخصصاً باللغة العربية وفروعها وآدابها ،ولكن بعد التعديل بشهرين فتحت درجة البكالوريوس ، مع أنه كان من الخطأ ذلك ، لماذا نستكثر على الأدباء أن يكون لهم جمعيات خاصة بهم كما الأطباء والمهندسين ، ولماذا لايحق لهم أن يكون النادي الأدبي مختصاً فقط بالأديب والناقد والشاعر . فاللائحة التي سمحت بدخول حملة البكالوريوس من غير المهتمين بالأدب سبب تكتل أيديولوجي وسيؤثر على الكفاءة . وأضافت : النادي الأدبي لابد أن يكون كل من ينضم إليه ممن يشتغلون بالأدب . والبيان أؤيده فهو عودة للحق وسيكون له أثر إيجابي في حركة الأندية الأدبية ، فالبكالوريوس ليس شرطا أن يكون حامله مهتماً أو منخرطاً في الأدب والنقد. القاص ماجد الثبيتي يقول: أعتقد أن هذا البيان جاء ردا على ماحصل في نادي حائل لذلك فتوقيت البيان خاطئ ومتأخر ،وترك الحرية للأندية الأدبية في معيار القبول خاطئ ، فالمهم عدم ترك القبول لجميع التخصصات كما حصل بأندية الشرقية والرياض ومكة .وأضاف الثبيتي: نادي الطائف كانت له تجربة ناجحة إلى الآن ويفترض حذوها ، فتحديد حملة البكالوريوس من أقسام اللغة العربية واللغات وآدابها ومؤلف مر عليه عام هو الحل الناجع للتكتلات الحاصلة بالأندية اليوم. وأقترح استثناء ممن يشتغلون في الأدب من غير الحاصلين على مؤهل اللغة العربية .