أين تقف العلاقات المصرية الخليجية ولا سيما في ضوء زيارة مسؤول (رفيع المستوى) من الحكومة المصرية لإيران، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وسياحية كبيرة وغير مسبوقة في الشروط والتسهيلات، ومواصلة نهج الانفتاح على علاقات أقوى وأهم وأعمق بين البلدين اللذين كانا في حالة قطيعة كبرى لأكثر من ثلاثة عقود متواصلة. ونفس الشيء، وعلى صعيد أوسع وأعرض بكثير، تم مع العراق، حيث شمل نطاقات أوسع وأغزر ومجالات أكبر ومزايا مغرية، ومن المعروف وجود «حساسية» و«اضطراب» في العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي من جهة، وبين كل من إيران والعراق ككتلة أو كفرادى من جهة أخرى. وطوال الفترة الماضية لم يكن بخافٍ تعرض العديد من الاستثمارات الخليجية في مصر للعديد من المواقف التي اعتبرها البعض مستفزة وغريبة، ما أثار قلقا كبيرا انعكس على العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، ولم تكن التطمينات العديدة ولا التصريحات الإيجابية في اللقاءات السياسية الرسمية بين مسؤولي البلدين تنعكس بالشكل المفروض ولا المطلوب، مع استمرار حالة «السيولة السياسية» الفائضة كانت دول الخليج هدفا سهلا لكل الأطراف المتصارعة في مصر؛ فمرة اتهمت بأنها داعمة للإخوان، وتارة أنها داعمة للتطرف وللسلفية، ومرات كثيرة أنها داعمة لفلول نظام مبارك السابق، وكل ذلك الأمر كان في وسط مناخ مشحون بدا وكأنه يبحث بنهم عن «العدو» و«الفزاعة»، وطبعا كانت دول الخليج هي «العينة» المناسبة التي تصلح ل«لبس» كل ما يرمى عليها. والآن تأتي اتهامات جديدة من إدارة البورصة المصرية وكذلك النائب العام بحق مجموعة من رجال الأعمال السعوديين (مع مجموعة من رجال الأعمال المصريين)، ومن توقيت وأسلوب الإعلان عن الخبر هذا بدا للبعض أن الحكومة المصرية تريد أن ترسل رسالة لدول مجلس التعاون الخليجي والقطاع الاقتصادي فيها مضمونها أن «الظروف» و«الأوضاع» تغيرت، وأن العلاقة لم تعد كما كانت من قبل، وأن المطلوب إعادة احتساب كل ما كان قديما، وهي رسالة خطيرة في ظل أوضاع مضطربة وملتهبة على المنطقة. الإمارات والكويت والسعودية تحديدا هم الأكثر تأثرا من هذه السياسات المصرية الجديدة، وهم الأكبر تضررا نظرا لمكانة الاستثمارات الكبرى لهم في مصر منذ قديم الوقت. جماعة الإخوان المسلمون، وهي الحزب الحاكم في مصر اليوم، لها علاقة مضطربة وحرجة مع دول مجلس التعاون الخليجي كما هو غير خاف على أحد، فالإخوان المسلمون يريدونها علاقة «إخوانية» بحتة بين الأطراف كلها.. أن تسير الدول الأخرى معها على نفس النهج، وعلى نفس المنطق، ولنفس الغايات والأسباب، ودول أخرى تريدها علاقات أخوية، شعبية مبنية على الاحترام المتبادل ومراعاة الظروف وتقدير الآخر، والفرق بين رؤية كل طرف يولد أزمة، وهو ما نحياه اليوم مع شديد الأسف.