في عامية نجد تتردد كلمة "شاخ" كفعل ماض، والمضارع "يشيخ". فإذا قال أحدهم: أنا ما أشيخ عليه، فالجملة تعني الوصول أو السيطرة. كأن يعجز عامل عن الوصول إلى الشيء، لارتفاعه أو انزوائه في مكان ضيّق أو ما شابه. والشيخ في قاموس المحيط مَنِ اسْتَبَانَتْ فيه السِّنُّ، أو من خَمْسِينَ أو إحْدَى وخَمْسِينَ إلى آخِرِ عُمُرِهِ أو إلى الثمانينَ. والمفردة جاءت في التنزيل في أكثر من موضع للكبَر والتبجيل لقوله تعالى: وهذا بَعْلي شيخاً؛ وقال النحاة نصْبُ شيخاً على الحال. والحال هنا نصبها من غامض النحو. أذكر أن ثمة تعليمات جاءت إلى وسائل الإعلام في بلادنا بتجنّب إطلاق كلمة "الشيخ" إلاّ على من تمتع بالكبر في العلم الشرعي، والفضيلة والمقام ونحو ذلك. وأذكر أن أحد كبار من خدموا الدولة توفاه الله عند أو بعيد صدور تلك التعليمات، وحرِصَ أقاربه على إعلان الوفاة، وشكر المواسين، لكنهم اصطدموا مع مستلمي ومحرري الإعلانات في الصحافة الذين رفضوا كلمة الشيخ (بموجب التعميم) واستقرّ الرأي على إطلاق كلمة "الأستاذ". علما بأن المتوفى لا يُعرف الا بكلمة الشيخ، تتبع اسمه. وكان العرب يسمون شيخا من استبانت فيه السن، أي كبُر وشاب وفي التنزيل (وهذا بعلي شيخا) وأيضا (وأبونا شيخ كبير). ولم تكن الكلمة مستحبة عند من أراد البقاء في فلك الشباب، قال دُريد: زعَمَتني شيخا ولستُ بشيخٍ .. إنما الشيخ من يدبّ دبيبا واستعمل الكلمة أهالي لبنان لإطلاقها على الأعيان من الناس. فنقرأ مثلا عن "الشيخ" أمين الجميّل، وتكثر الكلمة في الوسط المسيحي الماروني. وعند أعراب الجزيرة العربية والعراق وبادية الشام نسمع الكلمة وقد أُطلقت على كبار القوم وزعماء العشائر. أما عبارة "شيخ الإسلام" فقد وردت في الأدبيات في بدايات الدولة العثمانية، ويُقصد بها الإمام الذي يُرجع إليه في الأمور الشرعية، وقد أطلق هذا اللقب على جماعة من الأئمة والفقهاء. لاحظوا شيئا.. وهو في رأيي خاطئ، حيثُ إن الغرف التجارية تخلع - ذاتيّا - على منتسبي الدرجات الأولى في سجلاتها لقب "الشيخ". رائينا أن عامة الحجاز يطلقون "الشيخ" على أي شخص. فيقولون: لا ياشيخ. أيوه ياشيخ. أَسْكُت ياشيخ.. والأخيرة عند وصف شيء بالكثير.