مصطلح الشيخ مصطلح قديم ارتبط بالعلم وعلماء الشريعة أكثر من ارتباطه بغيرهم، والشيخ لغة الرجل كبير السن، ولكننا في بيئتنا الخاصة نجد هذا المصطلح ممتداً في أدبنا الشعبي شعراً ونثراً، كما نجده حاضراً في كتب التاريخ المحلي كتاريخ ابن بشر، وابن عيسى، وغيرهما، وهي تعني بمفهومها الشعبي رئيس القوم، وإذا قيل شاخ فمعناه تولى الرئاسة سواء في قرية أو قبيلة، وقياسا عليه أطلق العامة لفظ الشيخ، أو الشيخة، على الأفضل من كل شيء وهذه عقدة المنشار!! وباختصار شديد فإن بلادنا تعد من أغنى دول العالم بالمشايخ والشيوخ والشيخان، رغم أنف مجلس الشيوخ الأمريكي. وقد كتب الزميل الرائع صالح الشيحي في جريدة الوطن قبل فترة عن هذا الموضوع تحت عنوان (بلد المليون شيخ) وهذا إنجاز يستحق التسجيل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية!! وكانت كلمة شيخ في السنين الماضية كلمة لها تقديرها ولها مؤهلاتها التي لا يدركها إلا قليل من الناس كما قال الشاعر رشيد الزلامي: هذا حصل يوم السنين الأوايل يوم إن كلمة شيخ ماهي بالهون وقد تكون مقبولة في هذا الزمان حين تطلق على العلماء والرؤساء، ولكنها رخصت إلى درجة كبيرة حتى أصبحت تطلق على كل من هب ودب من الجهلة والصبيان وهذا أمر مضحك يتكئ على الدين أحياناً وعلى المكانة الاجتماعية أحياناً أخرى ولكنه مرتبط بالمال في أغلب الأحيان قال الأكلبي: من شان ماله صار شيخ ولد شيخ مشيّخ نفسه على النصب والبوخ وطوق الذهب والجوخ لو يكسي الذيخ ما غيّر اسمه لا جواهر ولا جوخ وقد مررت في أحد شوارع الرياض فشاهدت لافتة مضيئة كتب عليها (شركة الشيخ فلان)!! ولا شك أن للمال تأثيره في هؤلاء كما قال الشاعر الساخر حميدان الشويعر: المال لو عند عنزٍ شيورت قيل يا (أم قرين) وين المنزلِ والحقيقة أن تعلّق الناس بالألقاب في مجتمعنا في السنوات الأخيرة أمر عجيب وجديد يذكرنا بالحقبة التركية التي كانت تصدر مراسيم تمنح فيها البكوية والباشوية للأفراد!! ولكن الأمر لدينا أسهل بكثير لدرجة أنه الفرد يمكن أن يطلق هذا اللقب على نفسه ليطلقه عليه الآخرون ليمتلئ عند ما ترن هذه الكلمة في أذنه زهواً ويمشي متبختراً ثانياً عطفه مصعراً خده يذكرك بالطاووس في خيلائه في حين أن أفضل ما فيه شكله على طريقة الزلامي: لا سمع كلمة شيخ جاك متمايل يفرح بكلمة شيخ لو كان ما لون ويغتر بعض أفراد المجتمع ببعض هؤلاء فيسعون إلى مجاملتهم على طريقة القائل: ما ني بمجبورٍ على بعض الأزوال لا شك يلزمني ليا احترت أجامل بل يمارسون طقوساً من المبالغة في إكرامهم ولكن تكون نتيجة هذه المجاملات عكس المتوقع حيث تنتج ضرراً يعود على صاحبها بسبب هذا الشيخ المزعوم كما قال الزلامي: قهّوه وقلّط له من الحيل حايل وحدد مقامه وانفخه نفخ بيلون وفي حين أننا نشاهد شيوخاً من نوع آخر هم شيوخ المهن والحرف الذين أدركوا (الشيخة) بكدهم وتعبهم وجدارتهم، فإن كثيراً ممن يطلق عليه شيخ يؤكد لنا أنه لقب هلامي فارغ يمكن إطلاقه على من يستحق ومن لا يستحق حتى أصبح (كليشه) في بطاقة الدعوات لحفلات الزفاف وهذا الموقف أيضاً لم يمر بسهولة على الشاعر عبدالرحمن بن محسن الرويس (ظامي) فقال: عقب ذيك التعاسة والبيوت القشر والهدروس على كرت الزفاف شيوخ جعل الله يعاقبها