كانت الكويت أول من أمس محط الاهتمام ترقباً لما سيحدث بعد حالة الاحتقان الشديدة بين الحكومة وبرلمانيين معترضين على قراراتها. وكان تويتر هو مجال السجال الأكثر دقة وكشفا للميول وتعبيرا عن التوجهات والنوايا التي لم تعد كذلك. وهو أيضا مجال التحريض والتثبيط والاستشهاد بالأدلة الشرعية التي تدعم موقف كل طرف ورغم كل الاختلافات الحادة بين الجانبين إلا أنهما اتفقا على تكرار النقولات من فتاوى ابن باز وابن عثيمين بحثاً عن مشروعية عمل كل منهما وتبرير له. هذه النقطة، تحديداً، تؤكد أهمية المشروعية الدينية في مجتمعات الخليج، بشكل أساسي، لأي فعل خصوصاً إن كان فيه تجاذب مع السلطة، إلا أن دلالتها الأساس هي غياب العلماء السلفيين المعتبرين في المنطقة، وخفوت صوتهم نتيجة هيمنة الإسلام السياسي وضعف الخلف من العلماء الذين شغلوا مكان هذين العالمين اللذين أوشك العالم الإسلامي، في وقتهما، على أن يجعلهما المرجع الفصل في قضايا الاختلاف مهما كانت الثقة بعلمهما ونقائهما وصدقهما وبحثهما غير المنقطع عما يرضي الله ثم يقيم الأمة. ابن باز وابن عثيمين كانا مؤثرين في الجسد الإسلامي ويحظيان باحترام المعارضين قبل المؤيدين وإذا طرح قول لأحدهما حسم الخلاف داعماً لهذا الاتجاه أو ذاك. لم يلجأ الكويتيون، أول من أمس، إلى مشايخ الإسلام السياسي وهم كثر ونشطون في الكويت بل لعل هؤلاء المشايخ كانوا الأكثر تنقيبا عن مقولات لهذين العالمين تؤيد مسيرتهم واعتصامهم. هذه الحال تكشف عن يبوس موحش للساحة الدينية العلمية بعد أن تلبستها كافة الأهواء والرغبات والنزعات السياسية فلم يعد قولها حقا أو رأيها صدقا حتى عند عموم التابعين والمؤيدين.