أحيا الشيخ أحمد نجل مفتي السعودية الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز السجال حول قيادة المرأة للسيارة التي اعتبرها «حقاً إنسانياً محضاً». وفي أقل من أسبوع سارع 20 كاتباً للتعقيب حول القضية، وآراء ابن باز (الابن) فيها، مجدداً بذلك سجالاً خفتت حدته منذ العام 2005. وفيما أدلى مؤيدو السماح للمرأة بالجلوس خلف «المقود» بدلوهم، مستحسنين ما ذهب إليه ابن باز الابن، يبدو أن مناهضي تلك الدعوة أخذوا يشحذون أقلامهم استعداداً لمعركة فكرية لا يعرف إن كانت ستنتهي بالخفوت كسابقاتها، أم أنها ستسفر عن تحقيق المطالب النسوية والرجالية بهذا الخصوص. وكان نجل مفتي السعودية الراحل الشيخ أحمد بن باز ناقش القضية في مقالة كتبها في الزميلة «الوطن»، متجاوزاً ما يقال عن رأي شرعي في القضية، معتبراً إياها «حقاً إنسانياً محضاً»، ما دفع كتّاباً آخرين إلى التأمين عليه والتهميش على متن أحرفه، في ظل سبات المعترضين الذين يعدون للرد عدته. وكانت «قيادة المرأة السيارة» موضوع سجال فكري صاخب عام 2005 في البلاد، بعدما فاجأ عضو مجلس الشورى آنذاك محمد آل زلفة المجتمع في نيسان (أبريل) 2005 بالدعوة إلى تضمين نظام المرور الذي كان المجلس يناقشه آنذاك، السماح بقيادة المرأة السيارة، وأثار ذلك جدلاً غدت معه المسألة «قضية رأي عام» لأشهر قبل أن يهدأ السجال في شأنها. وحول توقع آل زلفة سجالاً جديداً قال ل«الحياة»: «أنا سعيد بالجدل الذي بدأ، وإن كنت لا أتوقع أن يصير بحدة السابق، فالمجتمع تطور كثيراً، وأصبح يستوعب أكثر، وهو في السابق تعامل مع المسألة كعادته مع كل جديد يرفضه ثم يتقبله بالتدريج، ولذلك فإن الوقت حان لاتخاذ القرار في شأن قيادة المرأة السيارة، بعد أن أصبح المجتمع أكثر تهيؤاً». وعما إذا كان آل زلفة يتوقع أن تحسم القضية هذه المرة لمصلحة وجهته أو تعود للسبات مجدداً، قال: «الوقت لن يطول كثيراً قبل السماح بذلك، وأنا لشدة قناعتي بذلك بدأت في تأليف كتاب حول المسألة كجزء من التاريخ أرصده لأجيالنا المقبلة، لتبصر كيف نتناقش في أمر ويحتد خطابنا حوله، وهو من أبجديات العصر وضروراته». وعلى الضفة الأخرى، يعتبر الدكتور ناصر الحنيني أن ثمة بوادر سجال فكري جديد حول قيادة المرأة السيارة، وهي معركة «يثيرها دائماً المؤيدون. والبوادر مؤشر مؤسف يدل على أن بوصلة الأولويات ضائعة». ورأى الحنيني أن الجدل وإن أعيد حول المسألة، إلا أن «حسمه سيكون لمصلحة من يستطيع تقديم الحلول الحقيقية والجوهرية للمرأة لا حلول الترف كقيادة النساء السيارات». وأضاف: «أن المرأة حينما نوجهها لغير القضايا التي تناسب تكوينها النفسي والجسمي وما يخالف فطرتها، فإننا نظلمها ولا نخدم مصالحها (...)، وأتمنى أن نتكاتف جميعاً في تقديم ما ينفعها ولا يضرها (...)، وما إشعال معركة قيادة المرأة السيارة مجدداً إلا إشغال للمجتمع والمرأة بما ليس نافعاً على حساب المفيد».