تناهى لروحي صوت آسر لا فكاك منه، يملؤني اطمئنانا، أعرفه كل المعرفة، لكني نسيت، فأنا غريب مرتبك وحيد، في تناهى لروحي صوت آسر لا فكاك منه، يملؤني اطمئنانا، أعرفه كل المعرفة، لكني نسيت، فأنا غريب مرتبك وحيد، في شرق آسيا.. فركت ذاكرتي لكنها مفصولة عني في هذا المكان المعلق في طرف الشرق. عسعس بي الصوت وراءه في الفندق الضخم، يسحبني من ممر إلى ممر، حتى وجدته يتسلسل من محل صرافة. الصراف ينشغل بعمله وأنا ألطم ذاكرتي بلا جدوى، سألته عنه فأراني الكاسيت مكتوبا عليه "علي عبدالله جابر". سقيا لليالي الصبا إذ قال لي أخي عبدالله وهو يحاورني عن الأئمة، اسمع إمام التراويح الجديد علي جابر، وما كنت سمعته قبلها، وبعد ثلاثين سنة أبلغني أخي نفسه بوفاة علي جابر، الصوت الذي لا أدخل غرفة أمي ليلا أو نهارا إلا وهو ينبعث من بين عتيقات الأشياء. www.youtube.com/watch?v=y_12aVqjZak صوت بين الأرض والسماء، يقرأ لكل سامع وحده، مطمئنا واثقا ما كأنه يؤم مئات الآلاف وأسماع الملايين، ندي النبرات كضوء قمر يفيض على وادي حرير أبيض لا نهاية له. كلما استقبل الكعبة ليلا أسلمت الدنيا سمعها للصوت الأمين، فارشة روحها على أجنحته من آية إلى آية ومن سماء إلى سماء، تاركا لعيوننا رقرقة عصيّ الخشوع ولأرواحنا تقليب مدفون الأشجان، يعرج بنا في مثاني البيان ونفحات رمضان، لا يبكي ولا يتباكى ولا يضعف ولا يتشاجى، يقظا أصفى ما تكون اليقظة، حاضرا أعمق ما يكون الحضور، تكاد تميد بالليل سواريه وأعمدته كلما حلق في آفاق الله وأرجح أرواحنا في أعالي النور صادحا بفواتح آل عمران "إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم" لله بيان منصور النقيدان إذ يقول عنه "ينسج بقراءته قصة ألم الإنسان وتيهه وطغيانه وجهله، وأيام الأنبياء مع أقوامهم ونهايات أعدائهم المحزنة ويحلق بهم نحو آفاق رحمة الله وشفقته بخلقه، وتبلغ القصة ذروتها حينما يصدح بآية سورة يس ناعياً ظلم العباد لأنفسهم موقظاً القلوب كطرقات القَدَرِ "يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون".