أقّل ما يوصف به المشهد الإقليمي والعربي في المنطقة أنه يغلي وأن مسارات الأحداث تتحرك الى صناعة فجرٍ جديد للجغرافيا العربية, وبلا شك أن هذا المشهد تتصدره معركة تحرير سوريا التي تشهد آخر منعطفاتها في محور دمشق , وبالتالي تعود سورية كمحور عربي رئيس بعد سقوط النظام الاستبدادي الارهابي وفقدان إيران أكبر سندان دعمها بالمطلق في إحلال مشروع الطائفية الانفصالية عن المجتمع العربي الذي عاش سنته وشيعته عقودا ضمن الشراكة الوطنية او المجتمعية في مسار مشترك وإن شابه قصور أو توتر أو اضطراب , لكن مرحلة صناعة الطائفية الانفصالية فجّرت العلاقة على نحوٍ خطير أخل قيما وارتباطا وبعدا سياسيا واستراتيجيا عبر هذا المفهوم في داخل الارض العربية وفي قلب مدنها الوطنية في كل مجتمع مشترك وصل اليه تنظيم ولي الفقيه الحركي الموالي لإيران . لعل لبنان سيكون أحد أهم مواقع مواجهة آثار سقوط النظام الاسدي الذي رعى اذرعة ايران او شكّل رافعة دعم لسياساتها التي ستضطرب بطاقات قوتها ونفوذها في المنطقة وخاصة في العراق ودول الخليج العربي . هذا التنظيم الذي يجب ان يعزل التعامل معه في قراءة مستقبل العلاقة الوطنية مع الطائفة كشريك اجتماعي قائم على الارض والتاريخ والحياة مستمرة للمستقبل , في حين أنّ تنظيم ولي الفقيه الحركي سيتعرض الى مرحلة فراغ واضطراب كبيرة , ولم يكن خطاب زعيم حزب ايران اللبناني حسن نصرالله المملوء بالإحباط والغيظ والذي أظهر توترا وقلقا ضخما في بيانه الرثائي للقيادات الإرهابية المسئولة عن جرائم الحرب مع الأسد التي نُفِّذت على الشعب السوري الا مؤشّرا لفزع أكبر ذراع لتنظيم ولي الفقيه الحركي في المنطقة العربية , ولعل لبنان سيكون أحد أهم مواقع مواجهة آثار سقوط النظام الاسدي الذي رعى اذرعة ايران او شكّل رافعة دعم لسياساتها التي ستضطرب بطاقات قوتها ونفوذها في المنطقة وخاصة في العراق ودول الخليج العربي . ولذلك كان موقف رئيس حكومة العراق الموالي لإيران نوري المالكي يتوجه لهذا البعد القلق حيث اعلن وزيره علي الدباغ دعوة العراقيين للعودة الى سوريا وصعّد المالكي فجأةً على تركيا تبعاً لاضطرابه الشديد , في حين أشارت الانباء الى أن من اُستدعي مباشرة من دمشق هم تشكيلات وجماعات تابعة لذات التحالف الطائفي في العراق وليس عموم الشعب العراقي اللاجئ في سوريا والذي عانى من أوضاع صعبة في سوريا وحصار شارك نظام المالكي فيه قمعاً وتضييقاً ولم تكن له أيادي دعم أو مساندة لهذا الشعب العراقي المغدور أصلاً من سياساته الطائفية والامنية وخططه التي كانت تضرب المدنيين العراقيين في مدن عدة . هذه الخلاصات من الاضطراب ستتوسع وتنتشر في المنطقة بصورة كبيرة وبقدر وضعية قوة تنظيم ولي الفقيه في هذه الدولة وتلك وهو البعد المؤسس على بعدٍ طائفي دقيق تشرف عليه ايران بصورة عميقة لا تحتاج الى منظمات لسفارات او ضباط مخابرات بالضرورة كما يعتقد البعض , لكنه يعتمد على تكريس بناء الأيديولوجية النفسية في التابع وربطه وجدانيا مع اعلامها وصناعة هولوكوست المظلومية, ورعاية انفصاله الوطني الجغرافي من خلال خطاب وهيكل مدني تم احلاله خلال هذه العقود . معالجة لا مصادمة أمام ما تقدم فنحن أمام مواجهة كبيرة جداً لتأثير هذه التغيرات على دول الخليج العربي , فعملية سقوط هذا البعد في مرحلته الزمنية الاولى قد تشهد اضطرابات وفراغا يؤدي الى أزمة شديدة , عبر ردّات فعل تدفع لها ايران لمحاولة تعويم فوضى معينة حتى يتم استيعابها لسقوط حليفها الاستراتيجي في دمشق وعودة سوريا ليس للمحضن العربي فقط لكن عبر مشروع دولة أُسس بقدرات شعبية ثورية فدائية وقف ضدها مع ايران الغرب والشرق , وقيام سوريا حرة بإرادة الدولة المدنية القوية المنتمية لجذورها ولتأسيسها الدستوري الجديد المؤثر على لبنان والعراق ببعد الشام الفكري والسياسي التاريخي وجمهورية سوريا الثالثة بعد سقوط حكم اسرة الأسد باسم حزب البعث . كل ذلك يجب ان يكون في تفكير السياسة الوطنية بأن تتجنب أي عامل مساعد لحالة تفجير شاملة تسعى لها ايران او تسعى لها أطراف محلية تشعر بالإحباط الشديد , ومع ضرورات المواجهة القانونية لأعمال العنف او اشعال نماذج صناعة كانتونات طائفية منفصلة عن المجتمع الوطني وتاريخه , فإن من المهم جداً مساعدة الطائفة على مرحلة انتقالية تتخلص بها من قوة وإرث تنظيمات ولي الفقيه وقوة إيران عبرها , وهو ما يحتاج الى حكمة ووعي دقيق ومسارات حوارية ومعالجات وطنية , وهو ما سيفقد الكثير من قوته ما لم تكن الاصلاحات الدستورية والحريات السياسية مكفولة لكل الجسم بغالبيته السنية وأقلياته , ضمن شراكة تعتمد جسم المواطنة لا محاصصة المظلومية الطائفية.