اللافت في نتائج ترشيح المصريين في السعودية أن أكثر من %60 من الأصوات ذهبت إلى مرشحي الإخوان بعيداً عن آلية ترشح كل منهما، وهي نتائج مفارقة للقاهرة، مثلاً، التي كان الفوز فيها لصبَّاحي وشفيق. بالطبع هذا اختيار حر لا نقاش فيه لكن لماذا فضَّلَ المصريون في السعودية الثقة في مرشحي الإخوان دون غيرهم وبفارق كبير؟. قد يكون السبب قناعات بالطروحات وثقة بقدرة مؤسسة الإخوان في إدارة البلاد مع أنها قناعات تزلزلت في القاهرة نتيجة تخبطات الجماعة في مجلس الشعب وكثرة التغيّرات في مواقفها. من وجهة النظر الشخصية فإن هذه النتائج تكشف تغلغل جماعة الإخوان المسلمين في السعودية، وكثرة كوادرها في السعودية نتيجة علاقة تاريخية طويلة ممتدة منذ أيام منَّاع القطان في مرحلته الأولى عام 1954 وإن كان منشأ العلاقة سياسياً بالدرجة الأولى. خلال العقود الماضية كانت أولوية القدوم إلى السعودية تذهب إلى الإخوانيين في القطاعات المختلفة، خصوصاً التعليم، نتيجة هذا الإرث، واستفادة من الزعامات المؤثّرة الموجودة في السعودية المنتشرة في كل مجال فضلاً عن تبوُّء سعوديين إخوان لمناصب قيادية تمنحهم حرية استقطاب الكفاءات المتناغمة معهم. يتكثف الوجود الإخواني المصري في بعض المؤسسات التعليمية والهيئات ذات الطابع الإسلامي، وامتد الأمر ليشمل مؤسسات اقتصادية نتيجة ضخ إعلامي غير معلن رسم أن الصورة المثالية للمصري المخلص والأقرب للطبيعة المحلية هو المتدين، أو بمعنى آخر الإخواني تحديداً. فوز الإخوان في السعودية يعني أن أرضيتهم المحلية لا تزال صلبة، وأن وجودهم هو المهيمن على ما سواهم من المصريين رغم أن النتيجة تشي ببعض التحوّل الجزئي في تراخي قبضة الإخوان على الجالية المصرية في السعودية وهو أمر تحدّده تحوّلات المستقبل.