د. سهيلة زين العابدين حماد - المدينة السعودية سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قبل أن يكون مؤسس الدولة الأموية، فهو صحابي جليل كرّمه الله بأن جعله من كُتّاب وحيه، ومن المؤلم حقًا أن يُهاجم من قبل الشيخ أحمد الكبيسي؛ إذ وصفه بأنّه مصدر بلاء الأمة، واتهمه بسب سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، مستدلًا بحديث رواه مسلم، فبدلًا من أن يحقق في الحديث، نجده يردده، فلا يُصدق أنّ سيدنا معاوية أمر بسبّ سيدنا علي، والرسول عليه الصلاة والسلام قال « لا تسبوا صحابتي»، فليس لكون حديث رواه مسلم نُصدق قولًا لا ينطبق على مكانة وشخصية معاوية رضي الله عنه، وليس كل ما ورد في صحيح مسلم صحيحا يؤخذ به، وكأنّه قرآن منزل، فالإمام مسلم رحمه الله بشر، واجتهد في جمع الأحاديث، وتحرى صحتها طبقًا للإمكانات التي كانت متاحة له في عصره، وعلينا نحن أن نتحرى صحة تلك الأحاديث سندًا ومتنًا طبقًا للإمكانات المتاحة لنا، فلا نسلم بالأحاديث الواردة في صحيحه المناقضة لقيم الإسلام ومبادئه وأخلاقياته وأخلاقيات رسوله الكريم وصحابته رضوان الله عليهم، فحديث مسلم الذي أُستُشهِد به، الجزء الأول منه « أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا التراب؟ هذا الجزء موضوع ، فراوي الحديث سعد بن أبي الوقاص رضي الله عنه، والمفروض أن يقول أمرني معاوية، ولا يقول أمر معاوية سعدًا «ثمّ أن هذا الجزء لم يروه مسلم إلّا في هذا الحديث، وكرر باقي الحديث في روايات أخرى، كما أنّ البخاري لم يورد هذا الجزء في صحيحه في باب مناقب علي، بينما روى الأجزاء الباقية من الحديث المتعلقة بالرواية، «وأنت مني بمنزلة هارون من موسى»، ومن حيث الرواة: فيه حاتم بن إسماعيل المدني: جاء عنه في التقريب « صحيح الكتاب، صدوق يهم»، وجاء في تهذيب التهذيب للعسقلاني: قال أحمد: «وزعموا أنّ حاتمًا كان فيه غفلة»، وقال ابن المديني: روي عن جعفر، عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها، وقال النسائي: «ليس بالقوي». وفيه بكير بن مسمار: جاء في تهذيب التهذيب للعسقلاني: « قال البخاري : فيه نظر، وقال ابن حبّان في الثقات» وليس هذا. وقال الذهبي في الكاشف: «فيه شيء» وقال العجلي (متساهل) وقال النسائي: «ليس به بأس» (وهذا دون التوثيق) وضعّفه العقيلي، وابن حزم في المحلى، و الذهبي في «المغني. فراويان ضعيفان كيف يُسّلم بروايتهما؟ كما ورد في صحيح مسلم حديث في كتاب « البر والصلة والآداب ، باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم ، بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عن معاوية رضي الله عنه « لا أشبع الله بطنه « وفيه محمد بن المثنى العنزي ، قال صالح جِزَرة : « صدوق اللهجة ، في عقله شيء، وقال النسائي:» لا بأس به، كان يغير في كتابه[الذهبي: ميزان الاعتدال رقم ( 8115)، وفيه أمية بن خالد، وهو من الضعفاء[ابن حجر: تهذيب التهذيب: من اسمه أمية] وفيه أبو حمزة القصاب، وهو عمران بن أبي العطاء الأسدي، قال أبو حاتم والنسائي» ليس بالقوي، وضعّفه أبو داود. وهنا أسأل: كيف قبل علماء الأمة بصورة عامة، وعلماء الحديث بصورة خاصة بتصنيف مسلم لمعاوية رضي الله عنه بأنّه ضمن الذين لعنهم الرسول عليه الصلاة والسلام؟ وهل يُعقل أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام يلعن أحد كتاب وحيه وصحابته، وهو ناه عن سبهم؟ هل نأخذ بهذا الحديث رغم تناقضه مع خلق النبي الكريم لمجرد أنّه ورد في صحيح مسلم الذي استند في روايته على رواة ضعاف؟ للحديث صلة