يظهر تويتر محاطا بوعي متقدم، مقارنة بتجاربنا الإلكترونية، حتى وإن استخدمها بعض - استثنائياً خارج حدود الأدب، أو خارج حدود التعبير المسؤول-، إلا أن المؤكد أننا أمام تجربة من النوع السهل الممتنع، حيث الاختصار والمباشرة، وحرية التعبير المتاحة، والتواصل على مدار الساعة. نحن الأكثر نمواً في عدد مستخدمي الإنترنت، وحضوراً على شبكات التواصل الاجتماعي، وطبعا الأكثر استهلاكاً للحاسبات واقتنائها عربياً. وفيما تطبيقات برامج شبكات التواصل أصبحت متوفرة للجوال، تقول آخر إحصائية: إنه يوجد 180 هاتفا محمولا بالسعودية لكل 100 شخص. إذن نحن أمام أهم أوسع شبكة افتراضية، وأضخم أداة تاريخياً - لقياس الرأي العام وفهمه، وهذه حقيقة يجب ألا تحجبها الآراء الخاصة أو العواطف مهما كان اتجاهها، أو سوء خطاب بعضهم، وحتى من أولئك الذين لا يرتاحون أبداً لحرية التعبير للفرد وتطور قنوات تواصله. الحضور اللافت على شبكات التواصل، وهذا الكم من الحراك والتفاعل مع الموضوعات الاجتماعية (النقد للقضايا اليومية، ومنظومة العادات والتقاليد المتفاوتة)، والاقتصادية (موضوعات التنمية والفساد والمشاريع)، وحتى السياسية (الإصلاح والمشاركة ودعمهما)، كما حوارنا الثقافي غير المسبوق، ونقد التيارات المختلفة، بل وتسجيل وفرض تيارات فكرية وإنسانية حضورها. ذلك كله يرسم صورة جديدة وجدية لحرية التعبير والتفكير. خذ نموذجا من الحماسة لقضية أو قضايا فساد، وسوء إدارة، أو حدث، ثم تابع التفاعل معها والرصد، سترى كيف تؤخذ بجدية؟، وكيف قدرة التفاعل في تشكيل اتجاهات الرأي العام. واقع افتراضي أصبح المؤثر الأول على الواقع القديم -، بل تحول ليكون هو الواقع الجديد، هو الجيل، هي الحقيقة التي تتفوق على مساحات الإعلام والحوار المتاحة والتقليدية، وبسرعة فائقة في الرصد والتفاعل. فقد تجاوزت كثيراً الموقف السلبي، والرافض أو الراغب في السيطرة لما تحمله هذه الشبكات وفي مقدمتها تويتر والفيسبوك- أيضاً، وأصبح قول مثل ذلك الشيخ المصري المجتهد “إنها أبواق للفجر الرذيلة!”، أقرب للطرافة والسخرية، وحديث المفكر الأمني الذي يجد فيها فتنة بالمجمل، لا يؤخذ بجدية، بل يظهر اعتراف مبطن بالضعف.. إلخ.. ولن تغير معلقات القدح والذم لهذه الشبكات من الواقع الجديد والمثير شيئا، وكما أقول دائماً فإن فتوحات التقنية لن تتوقف.. والقادم مغر وساخن أكثر فاستعدوا..