فاصلة: (الجدارة تختبئ وينبغي البحث عنها) - حكمة عالمية- من أهم المقالات التي قرأتها في صحافتنا الأسبوع الماضي كان ما نشره الزميل «سعد محارب المحارب» على جزأين حول الصحافة في عهد الإعلام الجديد في جريدة الجزيرة. فهذا العهد أو العصر أصبح يُسمى عصر ثورة المعلومات وكأنه يؤسس لحقبة جديدة على غرار عصر الثورة الصناعية وقبلها عصر المجتمعات الزراعية. الكثير من صنَّاع القرار في المؤسسات الصحفية باتوا يدركون أهمية الإعلام الجديد، لكنه في - رأيي- اهتمام ظاهري، حيث اهتم البعض بتطوير موقع الصحيفة الإليكترونية بينما أنشأ البعض أقساماً إدارية للإعلام الجديد. لكن المشكلة ليست فقط في إلباس الصحيفة زياً إليكترونياً أو إنشاء إدارة تعنى بالإعلام الجديد دون تأهيل الكوادر المهنية، إنما الإشكالية مثلما أشار الزميل «المحارب» في مقالته أن الصحف لم تعد تهتم بالفنون الصحافية إنما بمقالات الرأي ولذلك ازداد عدد الكتَّاب والكاتبات الجدد في صحفنا، بينما عملت عدد من الصحافيات خريجات قسم الإعلام الجديد في وظائف ليست لها علاقة بالصحافة. وقد حدّد «المحارب» في مقالته الجزء الأول مخرجين للصحافة هما الاهتمام بتطوير مواقع الصحف الإليكترونية لتصبح وكأنها صحف مستقلة في موادها وليست نسخاً عن الصحف الورقية. وأجد هذا مأزقاً تضطر فيه الصحيفة إلى تدريب وتأهيل صحافييها القدامى أو توظيف كوادر شابة متسلحة بالإعلام الجديد. أما الفنون الصحافية وتطويرها فأجد أن الصحف استكانت إلى استقطاب الكتّاب الجدد فهو لا يكلّفها مادياً، حيث تجد الكثير من الكتّاب الذين يطمحون إلى النشر دون اشتراط مكافآت مادية وهم يملكون الرأي والأفكار الجادة. ومن هنا أصبحنا نرى الصحافيين بدلاً من البحث عن قصص إخبارية جديدة أصبحوا يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي مثل «الفيس بوك» و»تويتر» ويعتمدون عليها كمصادر وهو وإن كان لا يعتبر خطأً إلا أن أسلوب الصحافيين في استخدامه يعطي مؤشراً للاتكالية أقرب منه إلى تطوير المادة الصحافية. وفي الجزء الثاني من مقالة «المحارب» حدد الاقتصاد والحرية وهذان العاملان مهمان وهما ما يجدر بكل صحيفة أن تحدد كيف يمكنها استثمار هذين العاملين للمحافظة على صحيفتها متطورة. في رأيي أن الإعلام الجديد لا يهدّد الصحافة الورقية، بل يهدّد المهنة ومنتسبيها كذلك، وأعتقد بأن الصحافة الورقية لن تندثر بمفردها إنما ربما غيّرت من شخصية الصحافي ومهنيته وربما تأخذه في طريقها إلى التقليدية فلا يعود.