عندما قامت فكرة الصحيفة الإليكترونية " أنباؤكم " لم تكن تجهل ثمرة التقنية ونعمة الحداثة , حيث أن العلاقة الحميمة التي تصنعها الأجهزة الأليكترونية مع مستخدميها ليست بالعلاقة الهشة فهي لاتمنحك المعلومة فحسب , بل تتعدى لأبعد من ذلك فتصادق حتى تحب ولربما تدمن خصوصا حين تغوص في أعماقها ويضع الله بينكما من الألفة مايضع , وهو بالفعل ماجلعنا كزاور عرب نقترب من صفحات الويب لنتمتع بالميزات والمناقب .. والنتيجة ليست عادية حينما توصلنا إلى أن شمس الويب ستحرق الورق يوما ما كما أنه ليس ابتكار جديد إكتشفناه بدهاء , إنما هي قناعة لازالت مثار جدل و شد وجذب بين أرباب الصحافة التقليدية وصناع الإعلام الجديد وكبر الأمر ليكون مثار خلاف واسع حتى لدى الرأي العام , هذه النتيجة هي ماجلعت فكرة - انباؤكم - تبادر بالتحول إلى عمل وتترجم إلى واقع بدلا من الإنتظار الطويل إلى حين صدور نتجية نهائية قاطعة في عام 2040م . ومع صباح اليوم وفي طور العمل بالصحيفة ومتابعة النتائج والبحث عن الأفضل لتقديمه للقراء اكتشفنا أن قراء الصحيفة الاليكترونية " أنباؤكم " زارها قرابة المليون ألف قارئ خلال أشهر قليلة وفترة وجيزة من إصدارها , هذا الشئ هو مايجعل الإنسان يعلن ثبوت هذه الحقيقة وإيمانه بها في وقت مبكر . وحول هذا نشر خبر عن الباحث الألماني فيليب ماير، أصدره "المعهد الألماني لأبحاث الميديا والاتصالات"، أثار به عاصفة من الجدل بعنوان "الصحافة الزائلة" نشرته مجلة "تزايت" الأسبوعية المعروفة وترجمته مواقع عربية كثيرة , إذ يتنبأ الباحث بزوال الصحافة المكتوبة (التقليدية) حتى عام 2040 ويتوقع تقلص عدد المؤسسات الصحافية في عالم مقبل من المنافسة , واعتبر ماير أن الصحافة الورقية الحالية ليست أكثر من مرحلة انتقالية في مستقبل الصحافة المحسوم للصحافة الإلكترونية , كما تنبأ ماير في ضوء التطورات التقنية الأخيرة، أن تسود في البداية صحف إلكترونية من رقائق إلكترونية تشبه الصحيفة الورقية، ريثما يتم الانتقال تماما إلى شكل لا يمكن التنبؤ به الآن من أشكال الصحافة الإلكترونية ! إن شمس الويب وهي تذيب الورق تحفز الكثير على استعمال التقنية الحديثة وشبكة الإنترنت الحالية بشكل إيجابي وباستثمار جيد سريع تجعله يتأقلم معها إختيارا قبل أن يلجأ إليها اظطرارا . وبين هذه التهديدات المخيفة للصحافة الورقية لانتعجب من تحذيرات مضادة من مختصين وخبراء يحذرون فيها من " تسونامي" الصحافة " الجديدة " وخطرها على الصحافة الورقية بفضل التطور التقني الهائل المتتابع حيث علق أحد المهتمين من روؤساء المنظمات الصحفية الملموسة " لا أعتقد أنه سبق أن واجهنا أو سنواجه في المستقبل خطرا يهدد منظماتنا كهذا التي نواجهه اليوم "! وفي أثناء هذا الجدل والميل نحو الصحافة الإليكترونية التي غدت سمة بارزة للجدال والحراك السعودي تتواتر الأنباء التي نفيت مؤخرا - ولله الحمد - حول رغبة المسؤوليين بتقنين " الصحف الجديدة " أو " حجبها " والحد منها وهو القرار الذي أبعد مايكون عن التحضر والتمدن في زمن الحريات وفاعليات المؤسسات المدنية , في عالم تتسارع فيه الدول لاحتواء المشاريع الجادة وتشجيع الإبداعات الشابة بله الدعم والاستفادة منها ,وفي وقت قدمت فيه الصحافة الإليكترونية متنفسا صالحا وملاذا مفتوحا للتعبير المنظبط والكتابة المتزنة كما كانت ملاذا للأقلام اليافعة أو المكبوتة والمنبوذة من الصحف التقليدية إضافة إلى ما لقيته الصحف الإليكترونية الزميلة ( سبق - عاجل - الوئام - لجينيات - عناوين ) وغيرها من الصحف الأخرى التي سجلت أرقاما منافسة وقياسية بجوار ماتسجله الصحف الرسمية المدعومة والمقتدرة مايجعلها شاهدة على ضرورة بقاء ماكان على ماكان . وقد قال الخبير : إن من أبعد الحلول أن نحجب الناس عن التكنولوجيا والتلفزيون والموبايل والإنترنت لأنه حل مستحيل ويشبه من ينزل في عكس اتجاه , منوها أن الحل في دراسة وبحث ومراقبة آثار التكنولوجيا وبعدها سيمكننا دخول مرحلة البحث عن حلول صحيحة . فمن شأن هيئات الصحافة ووزارات الإعلام العربية أن تتقبل هذه الثورة بقبول حسن وتنبتها نباتا حسنا عوضا عن مخاصمتها أوالتحريض عليها و النيل منها والعاصفة بجبروتها وقوتها وعنفوانها لم تستطع نزع معطف عجوزكبير بينما الشمس بهدوئها وحنوها ودفء حرارتها جعلته يتعرى من ملابسه كما ولدته أمه ! للتواصل مع رئيس التحرير : [email protected]