د. فهد بن سعد الجهني - المدينة السعودية شاركت الأسبوعُ قبل الماضي في مناقشة رسالة دكتوراة في «أصول الفقه» في الجامعة الإسلامية، وجاورتُ قرب المسجد النبوي قرابة أربعة أيام، ومما أدهشني وعاد بذاكرتي لمقالٍ قديم كتبتُهُ عن (الإمامة في المسجد النبوي)، ما لاحظتُه ولاحظه كثيرون غيري -خلال تلك الأيام الأربعة- أن خمسة فروض في المسجد النبوي يؤديها إمامٌ واحد! فقلتُ في نفسي: هل يعقل هذا؟! وهل يتناسب هذا الترتيب وهذا العدد مع مكانة ومقام المسجد النبوي! الذي لا يوجد فيه الآن (عملياً وواقعاً) سوى ثلاثة أئمة فقط؟!. لماذا هذا النقص في المسجد النبوي وهو في أمس الحاجة إلى اختيار أئمة جدد على مستوى عالٍ من التمكن والتخصص والإجادة في القراءة مع حلاوة الصوت وعذوبته التي لابد منها لتُزين التلاوة وتُجملها. وهل عجزت مدينةُ القرآن والقُرّاء؛ مدينةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ وكيف تعجز وفيها أشياخ القراءات؟ ومسجدها يفدُ إليه الناسُ من كل فجٍ وصوب ليتعلموا القرآن ويُحسنوا تلاوته؟!. ومن حق عموم المسلمين علينا أن يسمعوا ويستمتعوا بتلاوة كتاب الله وهو يُقرأ غضياً طرياً كما أُنزل. أكتب هذا الكلام وذاكرتي وعيناي لا تستطيعان أن يفارقهما ذلك المنظر الرهيب المهيب المؤثر لإمام من أئمة القراء في العالم الإسلامي، أمّ المسلمين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في التراويح والقيام أعواماً عديدة، وما كان يتمتع به من حسن في الأداء وجمال في الصوت، هذا الإمام هو فضيلة الشيخ د.محمد أيوب، ومن منّا لا يعرف صاحب الصوت الشجي والتلاوة المتميزة والمتفردة؟!. الشيخُ الإمام محمد أيوب، وفي مقطعٍ مُؤثِّر جداً عندما سأله أحد مقدمي البرامج عن أمنيته في هذه الدنيا، فتوقف الشيخ عن الحديث وأغرورقت عيناه بالدموع وتحشرج صوته وانحبست الحروف في جوفه، ثم تحامل على نفسهِ وقال بكل تأثرٍ وحزنٍ عميق: أتمنى أن يوفقني الله وأعود لإمامة المسلمين في مسجدِ رسول الله!. يا لها من أمنية عظيمة من رجلٍ هو أهلٌ لهذا الخير!.