عُرِف فضيلة الشيخ الدكتور محمد أيوب بن محمد يوسف القارئ المشهور بتلاوته الحجازية العذبة ذات الطراز النادر، ونال لدى محبِّي التلاوة الحجازية لقب المشيخة بصوته النديّ، ونبرته الشجيّة. وقد ارتبطت التلاوة الحجازية نفسها بتلاوة الشيخ محمد أيوب، حتى صار عامة الناس يقولون لمن يقرأ بالتلاوة الحجازية "يقرأ مثل محمد أيوب" أو "يقلّد محمد أيوب" بالرغم من أن كثيراً من القراء يقرأ بالحجازية، ولكن أداء محمد أيوب وما وهبه الله تعالى من مهارة في المقامات وتحكم في طبقات الصوت دون مبالغة في المحسنات والتنغيم، كل ذلك حبّب قراءته للمصلين حتى غدا من أشهر قراء العالم، زاده الله من فضله. فكان محمد أيوب أشهرَ من قرأ بالحجازية في محراب المسجد النبوي، حين تولى إمامته أول مرة سنة 1410ه بتكليف من قاضي المدينة وإمام المسجد النبوي آنذاك الشيخ عبدالعزيز بن صالح الصالح رحمه الله، ثم استمر في السنوات التالية حتى اعتُذر له في عام 1417ه في آخر سنة تولى الإمامة فيها في محراب المسجد النبوي، ففقد المصلون ذلك الصوت الذي يجزم المتابعون أنه لم يمرّ على المسجد النبوي في الثلاثين سنة الماضية صوتٌ أعذبُ منه ولا أشجى، وصرّح في لقاء تلفزيوني مع قناة المعالي كان الأول والأخير له في الفضائيات أن أمنيته في الحياة هي العودة إلى الصلاة في محراب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. شيخ قراء طيبة أما شيخ قراء المدينةالمنورة وإمام المسجد النبوي المقرئ الشيخ إبراهيم الأخضر القيِّم فكانت تلاوته على نمطٍ من أنماط التلاوة الحجازية، وتميّز بالضبط وإتقان الأداء مع صوتٍ حسنٍ ومراعاة شديدة للمخارج والصفات والوقف والابتداء، وبدأت إمامته للمسجد النبوي عام 1406ه لمدة تسع سنوات. عودة "الحجازية" وكانت المفاجأة عودة التلاوة الحجازية لمحراب المسجد النبوي بعد سنوات طويلة، إذْ شهدت صلاة التراويح والتهجد في رمضان هذا العام 1431ه ما يسميها المصلون "ليالي حجازية" ابتدأها الشيخ الأَسِيْف: حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي والمدرس به، والمعروف بخشوع التلاوة وحسن الصوت، فاختار في بعض الليالي كليلة الحادي عشر والثالث والعشرين أن يتلو حزبه بنمط من أنماط التلاوة الحجازية على طريقة "محمد أيوب"، فأخشع القلوب وأبكى العيون وشنّف الآذان، وأضاف إلى عذوبة الصوت جمال الأداء، وتسابق محبّوه إلى نشر تسجيلات لتلاوته الحجازية في مواقع التلاوات على الإنترنت. صوت المدينة أما الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام المسجد النبوي وخطيبه منذ ثلاثين عاماً، وصاحب التلاوة الجميلة فقد فاجآ المصلين بتلاوة لم يسبق له القراءة بها في المسجد النبوي، فهو الذي ارتبطت تلاوته بالمسجد النبوي والمدينةالمنورة، وتعوّد المصلون تلاوته المعروفة، فقد اختار هذا العام التلاوة بمقام حجازي في ليلة الثامن والعشرين في التراويح وليلة التاسع والعشرين في التهجد وفجر العيد، وتعجّب الجميع من تلك المهارة في التطبيق وجودة الأداء على ذلك المقام الحجازي الحزين فخشعت الأفئدة وبكت العيون ورجّعت أركان الحرم صدى تلك التلاوة المبكية. القادم من أرض الحرم كما استعذب المصلّون في المسجد النبوي تلاوة الشيخ خالد الغامدي إمام المسجد الحرام بمكة المكرمة الذي كُلّف هذا العام بصلاة التراويح والتهجد في المسجد النبوي، فقام بالتكليف خير قيام، وأمتع المصلين بتلاوة حجازية خالصة، بصوت نديّ وأداء متقن، مع مراعاة وحرص على الضبط والتجويد. وهكذا عاد إلى محراب المسجد النبوي نمطٌ من أنماط التلاوة، له وقعه على النفوس وقدرته على النفاذ إلى القلوب، خاصة إذا كان سلساً سهلاً دون تكلّف ولا تنغيم ولا تطريب، ولا تعدو التلاوة الحجازية أن تكون نمطاً من الأنماط كما أن أيّ تلاوة لا تخلو من أن تكون نمطاً من أنماط التلاوة، حَسَنُها حَسَنٌ، والمتكلّف منها مذموم.