محمد بن علي الهرفي - عكاظ السعودية كان لقاء طيبا ذلك الذي جمع المثقفين والمثقفات في لقائهم الثاني -الذي طال انتظاره- وكان حفل الافتتاح جميلا أيضا، خاصة الكلمات التي قيلت فيه. كلمة معالي الوزير كانت شاملة الكثير من القضايا الثقافية، منها؛ حديثه عن جهود الدولة في تشجيع الحركة الثقافية، وتشجيع المثقفين، وقوله: إن المثقف حظي بدور كبير وتشجيع واضح، والأهم من ذلك أنه طالب المثقفين أن يتحلوا بالشجاعة والصراحة والجرأة!! ولعل معاليه أدرك أنهم بحاجة على من يطمئنهم عن نتائج الجرأة ففعل ذلك، والآن أصبحت الكرة في ملعبهم، إذ أصبح معاليه مسؤولا عنهم بعد تلك الكلمات الجميلة.. يصعب الحديث عن ندوات اللقاء في مقال مختصر، ففيها الجيد وفيها دون ذلك، لكنني سأتحدث عن بعض النقاط التي أراها أكثر أهمية من سواها.. التوصيات التي تلاها مهندس هذا اللقاء الأستاذ محمد رضا نصر الله كانت شاملة وجيدة، لكن التوصيات وحدها لا تكفي!! سبق أن سمعنا توصيات في اللقاء الأول لم تر النور حتى الآن ولهذا أصبحنا نخشى أن تصبح هذه التوصيات -أو معظمها- مثل سابقاتها!! ومن المؤسف أن معظم الجهات الحكومية التي تعقد مؤتمرات يكون مصير توصياتها مشابها لتوصيات اللقاء الأول للمثقفين!! وكم كنت أتمنى أن تقتصر التوصيات على ما يمكن تحقيقه. التوصية بإنشاء مجلس أعلى للثقافة في غاية الأهمية، خاصة إذا كان هذا المجلس يحكم نفسه بنفسه لكي تبتعد الثقافة عن كل أنواع الهيمنة وتكسب -بذلك- احترام المثقفين. كما أن وضع استراتيجية للثقافة لكي تكون قادرة على النهوض بالعمل الثقافي، جزء لا يمكن فصله عن أعمال المجلس الأعلى -في حال وجوده- إذ إن لكل أمة ثقافتها؛ صحيح أن هناك ثقافة عالمية من واجب كل مثقف معرفتها، ولكن -أيضا- هناك خصوصية لبعض الشعوب عن سواها في ملامح ثقافتها بحسب معتقدها وعاداتها الاجتماعية التي أصبحت ملازمة لثقافتها.. التوصية بإنشاء مراكز ثقافية في مدن المملكة في غاية الأهمية؛ لأنها ستحمي شبابنا من الضياع وتقلل نسب الانحراف بكل أشكاله.. وأعرف أن وزارة التربية والتعليم مهتمة بهذا الجانب، فحبذا لو نسقت الوزارتان جهدهما في هذا الموضوع الذي يهم كل فئات المجتمع خاصة الشباب، وسيخدمهم أمنيا وفكريا، واجتماعيا. كنت أتمنى لو كانت هناك ندوة تحدد مفهوم المثقف لأن هناك اختلافا كبيرا حوله، وقد برز هذا الاختلاف -بقوة- عند انتخابات الأندية الأدبية، وما زال هذا الاختلاف قائما وسيبقى كذلك ما دام مفهومه هلاميا وكل يدعيه وينسبه لنفسه. إقامة الندوات في مركز الملك فهد الثقافي كان معوقا لحضور عدد كبير من المدعوين، ولو كانت المحاضرات في نفس الفندق لتغير الحال كثيرا، كما أن الندوات لو وزعت على أكثر من قاعة لأتيحت الفرصة أكثر للنقاش والحوار الذي كان شبه غائب، وهو الأهم لأنه يثري المحاضرات أكثر منها.. غياب أكثر من اسم لامع عن التكريم الذي جاء بعد الموت كان مثارا للكثير من الأسئلة!! كما أن فيلم (المعهد) -وهو جميل- أوحى لي بإمكانية إرسال بعض المثقفين إلى هذا المعهد لكي يعيد لهم توازنهم العقلي!!! علي أن أقول: إن عالمنا العربي لا يعطي المثقف بعض حقه!! والذي يرى المكانة الحقيقية للمثقف يدرك ما أقول.. ولعل هذا الملتقى يكون بداية حقيقية للتغيير المنشود.. الشكر الخالص لكل من ساهم في إخراج هذا الملتقى بالصورة الطيبة، ابتداء من معالي الوزير ونوابه ووكيله للشؤون الثقافية وكل الآخرين، والشكر للصديق محمد رضا نصر الله الذي بذل جهودا مشكورة لإنجاحه، ولعلنا نرى ما يطمح إليه كل مثقف في بلادنا قريبا..