يصف أحد العلماء الشائعة بأنها مثل كرة الثلج فأثناء تدحرجها يكبر حجمها ويكثر جمهورها. في الآونة الأخيرة كثر ترويج الشائعات في مجتمعنا بنقل أخبار غير صحيحة أو أخبار مشكوك في صحتها بنيت في الغالب على أحاديث مجالس أو توقعات وتخمينات وتخرصات وبعض الأحيان أحاديث مكذوبة وأخبار منسوبة إلى مصادر غير موثوقة تشيع بين الناس وتنتشر وكأنها صحيحة,والشائعات التي تنتشر هذه الأيام بين الناس في ثوانٍ عبر الأجهزة الذكية تعبر عن أحلام وطموحات وخيالات مروجيها والذين يعيشون وسط الفراغ القاتل أو مرارات الفشل والإخفاق. تفاجأ بأحد مروجي الشائعات يقول لك يا رجال خذ العلم الوكاد والله أني أخذت الخبر من مصدر أكيد وهو في النهاية لن يخسر شيئا فإن صدقت الشائعة نفش ريشه بين الناس وأدعى أنه المصدر الصحيح للأخبار وأن كذبت الشائعة تبرأ منها أو ساق مبررات مضحكة وأكثر هزلية من الشائعة نفسها. وأكثر من تلاحقهم الشائعات العلماء والنجوم والمشاهير وربما أسوأ أنواعها تلك التي تقصد تشويه السمعة أو إحداث الوقيعة والعداوة بين الناس لكن معظم الشائعات الرائجة حاليا تدور حول ما يهم الناس وما يحلمون بتحقيقه. تداول الناس مطلع هذا الأسبوع رسالة انتشرت بسرعة مدهشة عبر الوسائط النصية والإيميل والبرود كاست مضمونها محبوك بدقة متناهية تجعلك تجزم بأن من أعدها ورتبها وصاغها مسئول كبير في الدولة وليس مروج إشاعات. تؤكد هذه الرسالة الغريبة على عزم الدولة لإحداث تغييرات مرتقبة وتعيينات في مناصب وزارية وتعديلات في إمارات بعض المناطق والغريب أن الأسماء المقترحة كلها مؤهلة وجديرة فهل سرب هذا الخبر من الجهة المعينة؟ وإذا كان الخبر غير صحيح فلماذا لم يظهر أحد لنفيه ودحض الشائعة وهذا الإجراء لو تم فسيؤدي في المستقبل إلى تقليل نسبة الشائعات التي صارت وباء اجتماعيا خطيرا؟ وضع العالمان البورت وبوستمان قانونا أساسيا للشائعة في شكل معادلة جبرية تأخذ الصورة التالية: شدة الشائعة= الأهمية× الغموض فمن حيث الأهمية نجد أن الشخص لا يهتم بالشائعة طالما أنها لا تعنيه وأكثر الأمور أهمية لدى المجتمع السعودي الإجازات وزيادة الرواتب وبدل السكن والوظائف ولذلك تدور معظم الشائعات حولها وتكتسب الشائعات في المجالات المذكورة قوة مضاعفة عن غيرها من الشائعات ولكن الأهمية وحدها لا تكفي لرواج الشائعة فلا بد أن يصاحبها الغموض الذي يحجب الحقيقة أو جزء كبير منها ونفهم من هذا الكلام أن شدة الشائعة تتزايد بتزايد الأهمية وإحاطتها بأكبر قدر من الغموض. في الأيام الماضية سرت إشاعة قوية بتقديم إجازة عيد الأضحى لتبدأ بنهاية دوام الأربعاء الماضي28-11-1432ه وعند إعلان وفاة فقيد الأمة الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله سربت إشاعة بأن الدولة ستمنح الإجازة بدءاً من يوم الثلاثاء موعد الصلاة عليه هذه الشائعة تلامس اهتمامات المجتمع والغموض الذي يحيط بها أن مصدرها غير معروف وأهدافها غير واضحة. أصبحنا بانتظار شائعات جديدة عند نزول الأمطار وهبوب الرياح التي تحمل الغبار وعند قدوم وفود زائرة أو وفاة شخصية هامة.يحدث هذا بسبب نقص المعلومات الصحيحة وانعدام الشفافية وعدم وجود جهة رسمية تتولى إيصال الحقائق والمعلومات بصفة مستمرة للناس وترد بشكل سريع وفوري على الأخبار الكاذبة وتنشر الأخبار الصحيحة في نفس الوقت.