تصاعدت المطالبات من جديد في رغبة المرأة لقيادة السيارة متذرعة بالحاجة الماسة للمرأة العاملة للتنقل لقضاء شؤنها واسرتها. لا يمكن اعتبار هذا الالحاح المتزايد مطالبة ساذجة غرضها حق القيادة فحسب. الظواهر تدل على ان المرأة السعودية اليوم تختزن في ذاتها تحولات ثقافية وفكرية تضغط بشدة للتعبير عن ذاتها. المرأة السعودية بالاضافة الى ذريعة الحاجة للتنقل تتخذ من هذه المطالبة بوابة للمزيد من الحضور والتعبير عن وجودها اللاتقليدي والمعقد الذي صنعه هذا الاندماج مع المدنية والانفتاح الواسع على ادوات الحضارة. سمه ما شئت تغريبا او ادراكا جديدا لوجودها الانساني. ان التحدي الذي يواجه المرأة في هذه المغامرة التي تتخذ منها معولا لتعبيد الطريق نحو المزيد من الانفتاح على الحضور الاجتماعي هو الثقافة التي ستوظفها المرأة لبلوغ غايتها في الواقع الجديد الذي تريد ان تصنعه. إن الترويج لهذه الثقافة من جانب المرأة يهدد كيانها الإنساني بسلب حقها الانثوي ويمهد لهدم أسس تنوع الوظيفة الاجتماعية للمرأة والرجل, وسيبعث بضباب كثيف حول معنى الذكورة والأنوثة ولا يستبعد ان تصبح الذكورة شعارا في عالم الأنوثة انتصارا للأنوثة المغيبة. ان اخطر التحديات التي تواجه المرأة في رفع راية حق المرأة في القيادة ان تستند لمفهوم المثلية للرجل. أي اعتماد ذلك الشعار الذي يرفعه دعاة حقوق مساواة المرأة بالرجل. ان الترويج لهذه الثقافة من جانب المرأة يهدد كيانها الانساني بسلب حقها الانثوي ويمهد لهدم اسس تنوع الوظيفة الاجتماعية للمرأة والرجل وسيبعث بضباب كثيف حول معنى الذكورة والانوثة ولا يستبعد ان تصبح الذكورة شعارا في عالم الانوثة انتصارا للانوثة المغيبة. ناهيك عما سيتسببه هذا الشكل من التعاطي الثقافي للنساء بحق القيادة من موجة مضادة قد لا تخلو من الحدة. المرأة ليست كالرجل والمثلية ليست طريقا للتعبير عن حضورها. والجانب الآخر المانع في بلوغ غايتها القريبة (القيادة) وهدفها الاسمى (الحضور الاجتماعي) هو هذا المفهوم الدخيل على المجتمع الشرقي باعتبارها كيانا للجذب والاغواء. لعل القيادة للمرأة تستطيع مع الزمن دحض هذا المفهوم المشين لكيانها الانساني الطاهر. ان حضورها الاجتماعي الواسع عبر القيادة قد يثبت للمتترسين بهذا المفهوم انها ليست غاية للتحريك والاغواء بل انسانة تضيف للمجتمع المزيد من الرقي الفكري والمعنوي. ولكن ماذا لو اخفقت في هذا التحدي. ليست المسألة مطالبة ساذجة بحق تريده بل التحدي الاكبر هو المدى الذي تتسلح به المرأة السعودية من ثقافة كفيلة بحفظ منجزاتها والمجتمع.