«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتبات يجبن عن سؤال «الحياة» : هل يمكن الكلام اليوم عن أدب «نسائي» عربي؟
نشر في الحياة يوم 29 - 11 - 2009

أعتقد بأن مفهوم «أدب نسائي» بدأ يتراجع ويخفت، مخلياً المكان لمفاهيم أخرى أكثر قوة كمفهوم «حقوق الإنسان» الذي يشمل الدفاع وحماية حقوق المرأة والرجل والطفل، هذا «الجميع» الذي يعاني في العالم الجنوبي ويعاني أيضاً في الشمال وإن كان الأمر مختلفاً وبمستويات متفاوتة.
بقدر ما تتقدم مفاهيم حقوق الإنسان على المستوى السياسي وتتقدم منظمات المجتمع المدني في عملها الميداني من أجل الدفاع عن الإنسان يتراجع مفهوم «تجنيس» الثقافة والأدب في العالم العربي.
ولكن مع ذلك يجب الاعتراف بأن ما تواجهه المرأة في العالم العربي والإسلامي، وحين أقول المرأة فأعني تلك المنتمية إلى الفئات الاجتماعية البسيطة، يجعل «النبرة» الأنثوية قائمة داخل النص الأدبي العربي، وما دام هناك قهر وظلم يلحقان بالمرأة كإنسان في المجتمع، فإن المرأة التي تنتمي إلى النخب، ومنها المرأة الأديبة شاعرة أو روائية، سترفع صوت خطابها الأدبي في شكل يدين الوضع المختل ضد المرأة. ويجب الاعتراف أن المجتمع العربي والإسلامي لا يزال على تقدم في نسبة تعليم المرأة فيه وتميز صوتها داخل النخب، إلا أن الأيديولوجيا الذكورية لا تزال قائمة، لذا فإن «الأنثوية» في هذه المرحلة هي حالة مبررة.
وللأسف ما نلاحظه اليوم أمام المد الديني المتطرف، وأمام هزيمة الأنظمة العربية في مشاريعها السياسية والاقتصادية وانكشاف أوهام خطبها التحريرية، هو الذي يجعلنا نلاحظ توسع حجم تراجع المساحة الاجتماعية للمرأة العربية. مضى ما يزيد عن قرن على صدور كتاب «تحرير المرأة» لقاسم أمين، وهو «الكتاب الظاهرة» يمكن التأريخ به لبداية المعركة التي خاضها مناصرو تحرر المرأة من الأنتلجانسيا العربية المتنورة آنذاك، ولكننا لو أقمنا خطاطة بيانية لمسار معركة المرأة العربية منذ تاريخ صدور الكتاب حتى الآن سنجد تراجعاً كبيراً عرفته معركة تحرير المرأة خاصة في الربع الأخير من القرن المنصرم والعشر سنوات من هذا القرن الجديد، والتراجع هذا عائد أساساً إلى انطفاء الحلم وتفاقم المشاكل الاجتماعية وظهور النخاسة الجديدة وتفاقم أشكال الاستهلاك بما فيها استهلاك المرأة تحت يافطة الحرية في بعض الحالات.
لذا أقول إذا كانت المرأة الغربية قد انتقلت من زمن سيمون دوبوفوار (الجنس الثالث) إلى الزمن الراهن وهو الزمن المؤسس داخل فلسفة الدفاع عن «حقوق الإنسان» وحقوق الحيوان وحقوق الطبيعة فإن مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا تزال رهينة أنظمة فاسدة تتوارث سلطة تأكلها الصراعات القبلية والطائفية وينخرها الجهل والأمية الثقافية والسياسية، لذا ما زلنا نشعر - كما ترى - بسلطة الخطاب الغاضب أكثر من سلطة الخطاب المتأمل.
ربيعة جلطي (الجزائر)
 ان التخوف من صعود الحركة النسوية التي وإن كان صعودها تطوراً من حال المرأة المنكفئة على تاريخها الا انها في حاجة الى تيار مستنير من الإبداع لا لمسيّسيه وفي حاجة الى ترسيخ وتثبيت أسماء لدينا من المبدعات والأديبات يمكن الفرز بينهم وتصعيدهن نقدياً لمصلحة الكتابة الإبداعية لا لمصلحة المبدعة الانثى.
أتساءل كثيراً حول هذه المؤتمرات التي دائماً تبدأ من الصفر وتتحدث دائماً عن مفهوم الأدب النسائي وهل نسمي الأدب الذي تكتبه النساء أدباً نسوياً أو أنثوياً نحن ندور على فكرة واحدة ونعيدها ونكررها دون الانتهاء منها والدخول الى الأدب الذي تكتبه النساء مباشرة.. لو أننا بدأنا بنقد الكتابات وتصفية الكتابة الكثيرة وغربلتها لكنا اليوم نحظى بأسماء كبيرة في الأدب دون أن نتخطى ما لدينا ونعيد تكرار المؤتمرات في حيز المفهوم فقط والتعميم الذي قد يقلّل من القيمة كثيراً.
ميسون صقر القاسمي (الامارات)
 لست أدري ان كان هناك حركة نسوية عربية في الأدب، وما اذا كان هناك اتفاق أصلاً حول مفهوم النسوية. على كل بالنسبة لي، خرجت من الأحزاب يوماً، ولن أدخل أحزاباً أخرى أو تيارات حتى ولو كانت أدبية. وفي كل الأحوال، الأدب النسائي بالأساس تسميه ذكورية ابتهجت بها النساء يوماً، لكنها أضمرت بالطبع اعتبار ما تكتبه المرأة أدباً ثانوياً أو شيئاً يشبه الفرع قياساً للأصل.
الكتابة هي مطارحة لهموم انسانية خارج أي تصنيف ومفتوحة على الحياة وعلى مقاربتها فنياً وانسانياً وليس بايديولوجيا مسبقة عليها تقتلها أو تقيدها، ولذا فهي تحوي اغراضاً عدة لا تحد بمقولة أو خطاب أو فكرة. ولذا أنا ضد توظيف الكتابة لغير أغراضها، لأنها فعل حرية بامتياز.
ولكن بالمقابل، اذا ما لامس الهم الانساني والفني الهم النسوي أو أي فكر يتقاطع مع طرح الكتابة (ليس بمعنى الطرح المسبق عليها) فليس هناك تحفظ، لكنني ضد حصر الكتابة بتسمية معينة. أي تصنيف أنا ضده، والحدود تزال بين ما تكتبه المرأة وما يكتبه الرجل عند امتلاك الخطاب الانساني والفني.النص المبدع خارج أي خيم، ولا ينضوي تحت أي خيمة لأن الكتابة كما ذكرت فعل حرية. التزام الكاتبة الحقيقية هو الهم الانساني والفني وان كتبت اختلافها وبقلمها الانثوي، الا ان الكتابة خارج البيولوجيا. وان كان اثنان لا يختلفان حول الغبن الذي تعيشه المرأة، فإن الهاجس الابداعي الحقيقي أن ينتصر لجنس الكتابة من دون أن تنسى جنسوية من تكتب عنهن وعن خصوصية حيواتهن ولغاتهن.
كتابة المرأة يجب ألا تكون ثأراً من الرجل ومن خطابه الذكوري، والخطاب الفني هو باستعادة الحق بالقول وبالخطاب الانساني من دون تمييز. الا أن الكتابة التي تقارب بموضوعها المرأة يجب أن تبقى خارج أي ايديولوجيا، لأن كل الايديولوجيات كانت أكثر استبداداً من الانظمة أو الفكر الذي كانت تحاربه. 
علوية صبح (لبنان)
 إن مسألة كثرة المؤتمرات المتعلقة بأدب المرأة وتعددها. بعد ان كانت النسوة تشعرن بالتهميش وإهمال ما يكتبنه. بات العالم شديد الاهتمام بهن، ميزانيات كثير من المؤسسات والجهات الثقافية تذهب لمصلحة مؤتمرات تعنى بأدب المرأة مما يثير احتجاجاً صامتاً لدى الذكور. من واقع تجربتي ومشاركتي بكثير من هذه الندوات في مختلف العواصم العربية أقول إن كثيراً منها يسعى الى تحقيق الجذب الإعلامي. وإن ما يقدم من خلالها من نقد ما زال عاماً وبعيداً من الجدية. وإن بعض الندوات يستجيب للموضة الرائجة فحسب وتختلط فيها المفاهيم كما تقع في تقييم مجحف بحق الإبداع أولاً عندما تضع كل الكاتبات في سلة واحدة. ثانياً تكشف هذه الندوات عن انسياق النقد الى الساحة دون أن يكون مطلعاً بما فيه الكفاية على ما يمكّنه من اصدار الأحكام.
أما الكلام عن أدب المرأة العربية فما زال ممكناً، إذ لا اعتقد أن الحواجز قد زالت بين ما هو أنثوي وما هو ذكوري، جمع كبير من العامة بل والأكاديمية والنقاد والكتّاب ما زالوا في مرحلة الحيرة حول المصطلح وآثاره وتبعاته.
هناك الكثير مما يجب قوله الى أن تحدث عملية غربلة تفصل القمح من الزؤان.
وفي شأن التخوف من صعود حركة نسوية عربية جديدة، انطلاقاً من الأدب بعد ما بلغت النسوية نهايتها في العالم. لا أعتقد أننا قطعنا المرحلة ذاتها مع نساء العالم، عادة نتلقف الحركات العالمية بعد أن تستنفد أغراضها في العالم مثل الحداثة. في الواقع لست أتخوف من حركة نسوية عربية جديدة. نحن وإن جمعتنا المؤتمرات ما زلنا جزراً معزولة. نشبه مجتمعنا ونعاني من احباطاته. لا نملك الأدوات اللازمة للقيام بحركة جمعية تنطلق من الأدب أو سواه، ثم إن تعبير صعود ايجابي لا يستوجب التخوف. ربما قصدت نشوءاً، عندها ووفق ما أرى استبعد مثل هذه النتيجة. إذ قبل أن تظهر بوادر جادة متشكلة من تلك الظاهرة وما يدور حولها سنكون قد قلبنا الصفحة ورحنا نستورد نتائج مرحلة جديدة انتهى منها الغرب فلا نحن نتطور بصورة طبيعية ولا نأخذ وقتاً كافياً لهضم كل مرحلة وفهمها... هذا الشك حول ما يمكن أن نفعله يجعلني أعتقد ان التوقف عند التنظير وأخذه محمل الجد قد يعثران مسيرة الكتابة وأن من الأجدى للكاتبة العربية الانصراف الى تجويد فنها وإبداعها وترك التصنيف والتنظير لأصحابه.
سميحة خريس (الأردن)
 ليست المشكلة في تعدد المؤتمرات أو الاحتفاء بالمرأة الكاتبة لأنه يندرج تحت الاهتمام العام بالمرأة نتيجة التحولات الفكرية للمجتمع العربي، أو كرد التهمة الغربية عن قمع النساء والتعصب ضدهن.
لكن المشكلة هي في ترسيخ حروب الثنينات الذكورة والأنوثة، والمقولات النقدية التي تجاوزها إبداع المرأة كثيراً، سواء في اقتحام التابوهات المحرمة - الدين والسياسة والجنس - أو بامتلاك الأدوات الابداعية، والمعرفة بالذات والآخرين على مستوياتهم كافة. نتيجة التعليم والانكشاف والتحرر الاقتصادي بالعمل، مما أخرج النساء من المكان الضيق والمجتمع الصغير الى التماس مع محيطها العام بل والعالم، ومعرفة كل الآخرين بالسفر واتقان اللغات والعمل والتعليم والاطلال على التراث الديني واللغوي والفكري. واقتحام مجالات عمل كانت قصراً على الرجل، مما نوّع في المنجز الأدبي للمرأة العربية. وجعلها تستنبط أشكالاً جديدة فيه، مع تميز بعض هذا المنجز «بالمعرفة» التي يتيحها الانكشاف على العالم، والممارسة العملية وتنوّع التجارب.
هناك أزمة نقد تفضحها هذه المؤتمرات، مقولات نقدية جاهزة - تعميم، تكريس أسماء شللية ومجاملة هي الوسط الثقافي العربي بشكل عام. وتكرار للأوراق مع بعض التعديل فيها. ومعظم النقاد المشاركين لا يتابع المنجز الجديد ولم يطل على مجمل ابداعات المرأة العربية ليحق له اصدار الأحكام أو المقارنة أو الحكم على التجربة.
ويبدو «الاستسهال» النقدي في التطبيق على «النموذج» نسائي، وهذا حق نقدي ولكن أن لا يصبح ظاهرة عامة في أوراق المؤتمرات التي توقفت عند أسماء تكرست منذ عقود، إما لقيمتها الفنية، او ريادتها وما تمنحه الريادة من تسامح مع النتيجة الفنية أو لانتماء سياسي أو فكري أو الارتباط بقضية وطنية.
وتتجلى أزمة النقد العربي بارتباطه بمدارس نقدية حداثية سقطت في بلادها وظهرت نتيجة ظهور «الرواية الجديدة» التي اطلق على أصحابها «الروائيون المأزومون».
أما عن ظهور حركة أدبية نسوية عربية بعد أن خبت في الغرب. فهو أمل جميل ولكنه بعيد المنال لأن المرأة الكاتبة كلما أطلت واعترفت بالمنجز الأدبي للنساء العربيات للأسف.
ليلى الأطرش (فلسطين)
 القياس على الغرب في مسائل النساء قد يضلل أحياناً، فإشكالية المرأة العربية على مستوى الطرائق التعبيرية في ما يتعلق بهمومها سوف تختلف ولا بد عن تلك المتداولة في الغرب وخصوصاً التعبير الأدبي. انتهاء النسوية بعد صعودها المحتدم لفترة لا بأس بها في المجتمعات الغربية لا يعني بالضرورة أفولها في المجتمعات الشرقية، فهي لم تبدأ بعد ولم تصل حركة سياسية فاعلة ذات أجندة معبرة عن أولويات النساء والتي على رأسها التعليم والعمل والمشاركة في قرارات المجتمعات المصيرية والتي مازالت حتى اللحظة الراهنة في يد المالكين للثروة والسلطة من الرجال. الأدب النسوي باعتباره معنياً بهموم نوعية خاصة لا يتعارض مع كل أدب يكتبه الرجل أو المرأة ويتوجه إلى ما هو عام وإنساني في مجمله، وفحص ما تكتبه المرأة قد يؤدي إلى اكتشاف ما هو نسوي أو ما تشابه مع ما يكتبه الرجل، لكن الكتابة الأدبية النسوية لها مهمات مختلفة، فهي تعمل على نبذ الوعي الاعتيادي المتوارث بخصوص المفاهيم المتعلقة بالمرأة ودورها المجتمعي وتعيد النظر في تقسيم الأدوار الاجتماعية فلا تكرس المرأة فقط لصناعة الحياة، لكنها تجعلها شريكاً فاعلاً في صناعة العالم وهو ما استحوذ عليه الرجل منذ فجر التاريخ. نعم هناك جدوى من المنتديات والمؤتمرات النسائية المتناولة لما تكتبه المرأة نسوياً وما تعبر عنه من منظور وعيها المغاير لأهمية دورها في صناعة العالم وفي مفهومها كنوع ثانٍ. والمسألة ليست أن تكون أو لا تكون هذه المنتديات، لكن سؤال الجدوى الثقافية ومدى الفاعلية داخل المجتمع يجب أن يكون هو الهدف الأساسي لهذه المنتديات، فالجدية في رفد المجتمع بأفكار تعينه على إعادة النظر في ما استقر ورسخ بخصوص إشكاليات النساء وأدوارهن هو ما يجب أن تسعى إليه هذه المنتديات التي يا حبذا لو تعقد في الجامعات ودور العلم والأطر ذات التجمعات البشرية لتفيد منها وتهز عقولها ووجدانها بأسئلة التاريخ.
سلوى بكر (مصر)
 ليس مصطلح الأدب النسائي من المصطلحات المتفق عليها، فثمة فريق يرى فيه انتقاصاً من قيمة الأدب الذي تكتبه النساء، والحجّة القوية التي يستند إليها، تعتقد اعتقاداً راسخاً - وصحيحاً في أي حال - أن الأدب لا يُعرّف بجنسِ كاتبه بل بما يحمله من قيمٍ فنيةٍ وإبداعيةٍ، وبالاستناد إلى قوّة هذه الحجة يتمّ أيضاً عزل الأدب الذي تكتبه النساء باعتباره لا يصل إلى المعيار الذكوري المحدّد سلفاً. أما الفريق الثاني الذي يميلُ إلى استعمال هذا المصطلح - بل ويلحّ عليه - فإنه ينظر إلى الجانب الإيجابي لمساهمة الكاتبات في المشهد الأدبي والثقافي العامّ، ويحاجج بخصوصية الذات الأنثوية المبدعة التي يمكنها أن تعبّر عن هموم المرأة بصورة أفضل من الرجل، نظراً إلى حساسية المرأة وخصوصيتها. وقد نشأ هذا الأخير نتيجةَ واقع زيادة عدد المبدعات، وهو الأصل في إفراد المجال للدراسات النسوية من خلال علم الاجتماع الأدبي تحت اسم «النقد الأدبي النسوي»، مثلما لاحظت الشاعرة والباحثة الإماراتيّة ظبية خميس، وهو تيار شهد «تطورات مستمرة أخذت تجلياتها عبر دور نشر متخصصّة في الفكر النسوي النقدي والاجتماعي، وكذلك صحف ومجلات ومطبوعات وندوات، إضافة إلى اتجاه الجامعات الأوروبية إلى استحداث أقسام دراسة خاصّة بدراسات المرأة».
وبقطع النظر عن حجّج الفريقين أو عن تفرعاتهما النقديّة، التي تطول جوانب أكثر دقّةً في المصطلح، وذلك من خلال جعل التنظير يرتقي إلى حدود المعيار الذي يمكن القياس عليه، فإن التيار الأعمّ يعطي المرأة الكاتبة منْزلةً أقلّ من منْزلة الرجل الكاتب، إذ يلاحظ في أحايين كثيرة أن المرأة الكاتبة مشغولةٌ أكثر من اللازم بذاتها وهمومها الأنثوية، وأن البوح، باعتباره أقرب إلى الثرثرة منه إلى الأدب، هو مدار الإبداع الذي تكتبه وتدور في فلكه، كأن يُقال: «ثمة إحساس بأن ما تكتبه النساء ما زال قيد السجن الذاتي»، وفي الجملة، فإن استعمال المصطلح ذاته ينطوي على حكم قيمي، ويمنع في الآن عينه أي تبديد يُذكر للخلاف حول المصطلح نفسه.
ديمة الشكر (سورية)
 لطالما شكّل المنتج الإبداعي في الأدب الذي كتبه الرجل تراكماً قبل أن يبدأ إبداع المرأة بظهور خجول، يحتل مكانه في هذا الميدان، لهذا كنا نرى صورة المرأة كما يراها الرجل، وكأننا ننظر بعين واحدة، إلا أن المرأة المبدعة لم تحاول في البدايات اقتحام بعضاً من المناطق من خلال أدبها وقد ارتكز في البدايات على الذات، وكأنها كانت تحاول التعرف إليها واستكشافها وكشف تلك المناطق التي لا يمكن الرجل أن ينظر إليها.
وأعتقد أننا نلحظ اليوم وبشكل واضح أن مجمل إبداع الكاتبة العربية شكل تراكماً قد لا يوازي ما خطه الرجل بالكم، إنما استطاع هز وزلزلة مفاهيمه، عن المرأة وأخذ يرى صورته في أدبها ويرى وجهاً جديداً للمرأة بقي مجهولاً، حيث عندما أصبحت المرأة تخرج من مناطق الظل ولا تحجم عن كسر التابوات، تبددت المفاهيم المنمطة لأدبها، والتي درج النقاد على تصنيفها بنظرة دونية، ما أثار حفيظة البعض ولم يعد غريباً وجود اتهامات جديدة تمس هذا المنتج وتلحقه بشخص الكاتبة المنتجة للنص. مما يشكل أذى واضحاً وسوء فهم بين الطرفين، ولهذا أصبحت الندوات والمؤتمرات ضرورة لتصحيح الصورة لسرديات الكاتبة العربية أو المطالبة بقراءة وفهم عميق لإنتاجها، بدل الحكم المسبق عليه وتصنيفه بدرجة أدنى.
نعم، ما زلت أرى أن الكلام عن أدب المرأة العربية ممكناً لأن الحواجز ليست وهماً بين أدب يكتبه الرجل وأدب تكتبه المرأة، وبنظرة مجردة وموضوعية إلى الدراسات النقدية لأدبها سنجد أمرين لا ثالث لهما، وهما يتوزعان بين الاحتفاء والمجاملة وبين الاتهام الذي يصل إلى حد الشتم أحياناً، كما أضيف أن إقامة ندوات تقتصر على الوجود النسائي غير مجدٍ، بل المشاركة الفاعلة للرجل الناقد والأديب هي مشروع حوار وإرساء لتصحيح بعض من المفاهيم والمصلحات المغلوطة عما تكتبه المرأة، وهنا لا بد من الإشارة إلى مصطلح - النسوية - الذي يعني الحركات النسوية التي تحمل مفاهيم مختلفة في الغرب، وتختلف بدورها عن الحركات النسوية التي نهضت في بدايات القرن الماضي في الشرق.
ومن هنا كانت فكرة عقد ندوة في طرابلس تحت عنوان (الحرية في الأدب النسائي) ليس لتكريس الفروق بين ما تكتبه المرأة وما يكتبه الرجل، بل لمنح هذا إبداعها قراءة مختلفة من قبل النقاد الرجال ومشاركة الأديبات بتوضيح صورة الذات وطرح إشكالية الهوية من عدة زوايا.
لهذا أجد فرقاً واضحاً بين الندوات التي تقام في العواصم التي ذكرتها، إلا أن ما يجمعها هو الهم المشترك في تصحيح مسار النقد من خلال تناوله إبداع وكتابات المرأة العربية.
رزان مغربي (ليبيا)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.