لو جمعنا كل المقالات التي سطرها الكتاب حول أداء الخطوط الجوية العربية السعودية خلال الخمس سنوات الماضية فقط، وتجاهلنا ماعداها من سنوات مع ما سطره القراء من مقالات القراء، وما تقدم به المواطنون من شكاوى سودت صفحات الجرائد وملأت مواقع الانترنت سنخرج من هذه السنوات الخمس فقط بموسوعة ضخمة تحفل بعشرات المجلدات. الغريب أن زيادة عدد هذه المقالات لا يقابل إلا بتدني مستوى خدمات ناقلنا الوطني والتي وصلت إلى أدني مستوياتها حاليا. الصراخ والعويل والشكاوى والكتابات لا تجد آذانا صاغية لدى مسئولي السعودية، ولو استمرت مائة عام وآخر لقب أطلقه أعضاء مجلس الشورى على الخطوط السعودية وصفها بالرجل المريض، والمشكلة أن المريض لا يريد أن يتعافى من جملة الأمراض التي يعانيها؛ بدءاً من سوء عمليات الحجز وفوضويتها وسوء تعامل موظفي الخطوط مع الركاب وهيمنة الوساطة وتعليق الرحلات أو تأخيرها أو إلغائها والإقفال المبكر للحجوزات وبالذات في الإجازات والعطل. لذلك، فإن آخر العلاج الكي؛ لأن الاستمرار والرضا بالواقع السيئ لا يخدم الوطن، وتحسين خدمات النقل الجوي أمر تفرضه الرقعة الواسعة لبلادنا وترامي أطرافها وندرة السكك الحديدية وقلة كفاية الموجود منها وسوء بعض الطرق البرية وكثرة الحوادث. قد نفكر في تأسيس شركات طيران وطنية قوية ليست من نوعية «سما» ولا «ناس» وإنما شركات قادرة على المنافسة بفتح المجال لرجال الأعمال، ودخول «السعودية» معها في المنافسة سيحسن في كل الأحوال من أدائها ويخفف العبء ويكسر الاحتكار. ولعل الطيران المدني السعودي يستفيد من خبرات شركات الطيران الخليجية المتفوقة بالسماح لها بالمشاركة في النقل الداخلي لتقديم خدمات منافسة، وقربها المكاني سيعزز من فرص نجاحها. ويمكن فتح المجال للطيران الأجنبي لتنظيم الرحلات الداخلية بين مطارات المملكة بأساليب وطرق تلائم طبيعة المجتمع وفق معايير تنافسية للوصول إلى أعلى مستويات الجودة؛ فدخول الخطوط الأجنبية في عمليات النقل الداخلية سيطرح خبرات ثرية ودروسا وتجارب متميزة تفيد المبتدئين في الخدمات الجوية. المسافرون لم يعد لديهم المزيد من الصبر على مماطلات الناقل الحصري «السعودية» ولنا في تجربة شركات الاتصالات الناجحة بالسماح لأكثر من شركة بتقديم خدماتها الشاهد على أن قوة التنافس تعود فوائدها على المستفيدين بإنقاذ السوق من تدني الخدمات وعدم اضطرار الكثيرين للاستجداء وكأنهم يتسولون، وستؤدي هذه الإجراءات الإستراتجية إلى زيادة عدد الرحلات وتزامنها في وقت واحد فقد نصل عن قريب لوضع نجد فيه ثلاث أو أربع رحلات تقلع في نفس اللحظة من الرياض إلى جدة والعكس لكثرة عدد الشركات، وإلى انخفاض أسعار التذاكر إلى معدلات معقولة وحل مشكلة الحجوزات لأننا حينها لن نكون بحاجة للاتصال بأي من شركات الطيران لطلب الحجز؛ لأن الشركات المتنافسة وقتها هي من يجري خلف الزبون لا العكس لكسب وده ورضاه وتوفير الحجز في الوقت الذي يريده، ومع تزايد أعداد الشركات لن نكون بحاجة للحجز وإنما التوجه مباشرة للمطار والسفر في أول طيارة - رحلات دون حجز كما في أمريكا -. عندما نصل إلى هذا المستقبل الجميل فلو اخترت السعودية فمن حقك أن تشكرك بعبارتها الأزلية الشهيرة»نشكركم على اختياركم السعودية». وإلى أن يتحقق الحلم يجب على السعودية تغيير عبارتها لتكون «نشكركم على صبركم وتحملكم قدركم الوحيد.»