يوسف بن محمد العتيق - الجزيرة السعودية سعدتُ كثيراً، ولم أستغرب عند اطلاعي على الوثائق التي أطلعني عليها الأستاذ عبد الملك البريدي، مدير دار التحف والنفائس ببريدة، قاعدة منطقة القصيم وعاصمتها، جهوداً لعلماء وأعيان من مدينة بريدة في جوانب ثقافية وعلمية، لها أكبر الأثر العلمي في أنحاء متفرقة من العالَم الإسلامي وأمريكا. دار التحف والنفائس في بريدة، التي تقوم على جمع النتاج العلمي والثقافي لمدينة بريدة، وهي جهة غير ربحية ولا تجارية، إنما تقوم على رصد دور هذه المدنية وتوثيقها في هذه المجالات، وتحتفظ بوثائق ومعلومات عن العديد من شخصيات من هذه المدينة تستحق التوثيق، فمن ذلك الشيخ عبدالله بن أحمد الرواف (1293ه - 1359ه)، الذي نسخ كتباً كثيرة من المكتبة الظاهرية بدمشق، وعُيّن قاضياً للمكلا في اليمن أكثر من 16 سنة ثم قاضياً في بلدة جعلان في عمان (انظروا كيف أضحى شخصية عامة في ثلاث دول). ومن العلماء محمد بن حمد العسافي (1311ه - ...) من أهل بريدة، وإقامته في العراق، من تلاميذ العلامة العراقي الشهير محمود شكري الألوسي، وله كتب ومصنفات خدمت الباحثين في مجالات عدة. أما الشيخ خليل بن إبراهيم الرواف (1898م - ...) فهذا له قصة أخرى؛ فقد سافر إلى أمريكا عام 1935م، وعمل على إعادة طباعة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية لعبدالله يوسف علي، وكذلك (الإسلام) لمحمد علوش بالإنجليزية، كذلك له كتيب (شرح وجيز لقواعد الدين الإسلامي) طبع عام 1363ه، ينقسم إلى قسمين، أحدهما بالعربية، والآخر بالإنجليزية، وذكر في المقدمة أن سبب تأليفه أنه لما قَدِم أمريكا لاحظ أن تعاليم هذا الدين مجهولة من أغلبية الشعب الأمريكي، وأنهم يُكثرون السؤال عنه؛ فأخذ على عاتقه وضع هذا الشرح، وهذا الجهد ليس في دول العالم الإسلامي بل في أمريكا قبل ثمانية عقود!! وفي وثائق دار النفائس إشارة إلى الشيخ محمد بن صالح الوهيبي (1320ه - 1413ه)، افتتح مدرسة خاصة به في دولة الكويت، أسماها (المدرسة الأهلية السعودية). ومن مشايخ بريدة الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن الكلية (1294ه - 1374ه)، نزح إلى مصر عام 1326ه، وأقام في مدينة الإسماعيلية، وله جهود علمية باقية آثاهرا حتى الآن. وفي سوريا أقام الشيخ محمد بن محمود الضالع (1259ه - 1337ه)، وكانت إقامته في حلب، وأنشأ مسجداً هناك، وله جهود مكتوبة تستحق أن يُسلَّط عليها الضوء والدراسة. والكل يعرف سليمان بن صالح بن دخيل (1290ه - 1364ه)، وُلِد في بريدة، وانتقل للعراق، وله آثار علمية، وهو من أوائل الصحفيين النجديين إن لم يكن أولهم، وله جهود إعلامية في بلاد الرافدين. ومن مميزي بريدة، الذين لهم جهود كبيرة في فترة مضت قبل عصر الفضائيات والإنترنت، الشيخ إبراهيم بن محمد بن محسن التويجري (ت 1371ه) في العراق، والشيخ إبراهيم بن إبراهيم العريني في دمشق، والشيخ عبدالعزيز بن محمد السماعيل (1333ه - ...) الذي انتقل إلى الهند، وله كتب طُبعت هناك. ولا يقل عمن سبق الوجيه الشيخ فهد بن علي الرشودي (ت 1947م)، الذي طبع كتاب عدة الصابرين لابن القيم عام 1340ه عن طريق المطبعة السلفية بمصر، ووزّع على طلاب العلم في الداخل والخارج. ما ذكرته هنا عن الصديق البريدي ودار التحف إنما هو نواة وأفكار لمشروع ضخم سيعود بالفائدة الكبيرة على أبناء هذه المدينة؛ لذا فعليهم العمل عليه وتوثيق نتاج مدينة بريدة الثقافي.