«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في قراءة النقيدان
نشر في عاجل يوم 22 - 07 - 2013

من أول ما اطلعت على تحليلات موسى النقيدان لأحداث بريدة الدينية والسياسية اقتنعت بأنه لا يجيد هذا المركب وليس له به علم وتمنيت أن لا يقحم نفسه فيه وفعلا تحقق لدي هذا الأمر من خلال قراءة حلقته الثانية عشرة من سرده التاريخي لأحداث بريدة وأثباتا لهذه النتيجة أقول.
تحدث النقيدان عن قرائته لانتفاضة المقهى, فوصف بريدة ونتاجها العلمي قائلا \"وبلاد الدين ... أنجبت ... من علماء الدين ... الشيخ عبد الله بن حميد \"
فأقول إن الشيخ عبدالله ليس من نتاج بريدة بل ولد ونشأ في الرياض وخرج منها عالما قد تأهل للتعليم والقضاء والفتيا وقدم بريدة بأمر من الملك عبدالعزيز وهو في العقد الرابع من عمره ليسد مسد الشيخ عمر بن سليم رحم الله الجميع في التعليم والتدريس وذلك عام 1363ه ليستمر عطاء بريدة العلمي فالشيخ إذا ليس من بريدة بل وافد إليها, هو بذلك عنصر تغيير من خارج بريدة وليس من نتاجها, ولم يدم فيها إلا عقدين من الزمان تزيد أو تنقص قليلا, فخطأ الكاتب هنا يدل على عدم علمه بنتاج بريدة من الشخصيات فضلا عن أن يكون أهلا لتحليل أحداث بريدة.
ومن أخطائه أيضا أنه وصف الفكر المساير للفكر الديني في بريدة قائلا \"ولكن هناك فكر وفلسفة وثقافة تسير جنباً إلى جنب مع الدين \"عبدالله القصيمي\" \"
وبهذا التوصيف يظن القارئ أن عبدالله القصيمي مارس فكره الحادث عليه في بريدة وأن فكرا فلسفيا مورس في بريدة وهذه مغالطة كبيرة جدا, بدليل أن القصيمي خرج من القصيم طالب علم صغير ولم يتخل عن فكره الديني ويغير فكره إلا بعد أن غادر الجزيرة العربية فتحوله الفكري الديني حدث له بعد لقائه مع أبيه في البحرين حيث كان وقع مقابلة أبيه عليه قاسيا وما تلى ذلك من سفره إلى الهند وما رافقه من انفتاحه على الثقافات الأخرى في تلك السفرة وفي مقره الجديد مصر.
فنخلص بأن حراك القصيمي الفكري لا دخل له بما دار في بريدة في تلك الفترة ولا بعدها على الإطلاق.
وقل مثل هذا في الشخصية الثانية \"عبدالرحمن المنيف\" التي استشهد بها فالمنيف معروف انه ولد ونشأ خارج الجزيرة العربية فضلا عن بريدة, فميلاده في عمان - الأردن عام 1933 من أب نجدي من أهل قصيباء شمال بريدة ومن أم عراقية ودرس في الأردن وتخرج من الثانوية فيها ثم انتقل إلى بغداد والتحق بكلية الحقوق 1952 ثم انخرط في النشاط السياسي هناك, وانضم لحزب البعث العربي الاشتراكي\" وبهذا تتجلى تخرصات وأماني النقيدان بكون فكر المنيف يساير الفكر الديني في بريدة ويدل على أحلام يحلمها النقيدان في نسبته كل شخصية يهواها لبريدة وهي ليست من بريدة.
ثم عرج بشخصية حديثة \"سلمان العودة \" والنقيض لها \"إبراهيم البليهي\" كما صوره بسرده, وهذه الشخصيات لا تصلح شاهدا على الفكر في تلك المرحلة التي يقرأ الكاتب الحدث فيها لأن الفارق الزمني تجاوزها بخمسة عقود, فالكاتب بذلك يلبس على القارئ البسيط ليقنعه بوجود حراكا فكريا في بريدة مخالف للدين في تلك الفترة.
ثم قال مصدقا ومؤكدا أن تلك الشخصيات من نتاج تناقضات بريدة قائلا \" رباه ما هذه المتناقضات !وما هذا التفاعل والنشاط والحركة التي تفرزها هذه المدينة ...... لا يمكن لأحدٍ أن يدركها ويفهمها جيداً أو يعثر عليها إلا لمن نبت فيها وتنفس ترابها\"
ثم عززا رأيه , قائلا \"بلاد الفلسفة والدين, بلاد الآراء المتعددة .\"
فأين لبريدة هذه الفلسفة والآراء المتعددة من شخصيات ليست من بريدة ولم تتفاعل بفكرها داخل بريدة ليخرج الكاتب بهذه النتيجة؟
ومن أوصاف بريدة التي حاول أن ينطلق منها في تحليلاته قوله \"إن بريدة في زمنها الأول تشبه يثرب وسكانها الأوائل يشبهون الأوس والخزرج والأقليات الأخرى ........الخ\"
هذا تشبيه غير صحيح لأن أمراء بريدة كلهم من قبيلة واحدة فلا شبه بينها وبين أهل يثرب بهذه النقطة تحديدا, وبريدة ليس فيها أقليات بل عوائلها متجانسة نسبا ومصاهرة.
وقال عن بريدة \"\" فجأةً سمعوا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فاحتضنوها وصكوا عليها بالنواجذ,..........إلى أن قال \" فصار الحاكم واحد , والمفتي واحد و الآراء متعددة\"\"
هذا تناقض بين فكيف يتوحدون ويقصدون التوحد ثم يكون بينهم آراء متعددة هذا تناقض في التوصيف والحكم, ومع هذا التناقض ففي توصيفه خطأ تاريخي جسيم فبريدة لم تسمع بدعوة الشيخ فجأة بل كان بين الشيخ وطلبة العلم من أهل القصيم حوار ولدعوته دعاة وطلاب ومؤيدين قبل تمكن الدعوة في القصيم أو بريدة.
وأهل بريدة لم يتقبلوا دعوة الشيخ بالأحضان كما وصف الكاتب بل افترق أمراؤها في تلقي دعوته وقبولها إلى فصيلين مختلفين آل دريبي وآل حسن حتى تغلب آل حسن ومكنوا للدعوة بعد معارك ضارية واستعانة بأعداء الدعوة من قبل آل دريبي والذي دفع طلاب العلم والمطاوعة من أهل القصيم الموالين لدعوة الشيخ ثمنا غاليا بسببه, دفعوا حياتهم ثمنا فقتل بعضهم صبرا وبذلك يتضج عوار معرفة الكاتب بتاريخ بريدة فضلا عن صلاحيته ليكون محللا لأحداثها.
وقال الكاتب عن أسرة المقبل أسرة الشيخ سليمان بن علي بن مقبل قاضي بريدة في الفترة 1250 1296ه والذي أخطأ النقيدان فسماه عبدالله بن مقبل قال عنها \" آل مقبل التي لا يوجد أحدُ منها الآن في بريدة ماعدا الأستاذ عبدالعزيز المقبل ....... ووجود العائلة في بريدة وقلتها هذا لا يعني أن العائلة منقرضة ولكن يوجد منهم القلة أيضاً في خبوب بريدة الغربية ..... وأنا غير متأكد ..... ولم أجد الفرصة ....... للبحث عن الأستاذ عبد العزيز حتى اسأله ...\"
فكيف يحيل الكاتب القارئ على شخصية موهومة له بحجة أنها معروفة للكاتب هذه بساطة متناهية, ومن بساطته شهادته على نفسه بأنه يستشهد بكلام غير مؤكد وما نخشاه بأن يكون هذا ديدنه مع الأحداث والشخصيات التي يورده في سرده.
ثم قال \" الشيخ \"عبد الله المقبل \" له فضل كبير جداً عندما ذهب إلى \"ابن رشيد \"ليشفع للناس عنده بعد معركة المليداء الشهيرة. وكان يتوعد أهل بريدة بالفناء\"
وهذا خطأ تاريخي شنيع كبير فاضح لمستوى معرفة الكاتب بتاريخ بريدة فلم يكن اسم قاضي بريدة في تلك الفترة شيخ اسمه عبدالله المقبل بل ليس في قضاة ومشائخة بريدة شيخ اسمه عبدالله المقبل في تلك الفترة ولا بعدها والصحيح أن اسمه سليمان بن علي بن مقبل أما شفاعة ابن مقبل لبريدة عند ابن رشيد بعد معركة المليداء فهذا خطأ آخر فابن مقبل توفي قبل تهديد ابن رشيد بثلاث سنين تقريبا والصحيح أن صاحب القصة هو الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم.
ومن طرائف عوار معرفة الكاتب بتاريخ بريدة قوله عن الأمير عبدالعزيز المحمد آل أبو عليان \" هذا الأمير كان طموحاً جداً ويعشق التوسع ..... ولا يوجد يومٌ .... ما كان عائداً من حرب أو يجهز لدخول حربٍ ... وقد قرر ...أن يغزو حائل ويقضي على دولة آل رشيد ...\"
هذه مبالغة غير منطقية أما ما ذكره عن أن الأمير كان قصده القضاء على أمارة حائل فهذا ليس صحيحا بل هو غزو للتشفي والانتقام فقط وهذا سر نكير الشيخ ابن مقبل عليه.
أما قوله عن ابن مقبل بأنه نصح الأمير \"في خطبة الجمعة وعلى الملأ مباشرة والأمير كان بين الصفوف الأولى. ولكن الأمير هزأ الشيخ بكلمات نابيه, وقد تراجع أخيراً عن موقفه وبعد الصلاة اعتذر للشيخ \"
فهذه قصة فيها مغالطات كثيرة وقد فندها الشيخ محمد العبودي في معجم بلاد القصيم وفي كتابه الأخير معجم أسر بريدة وكان الأولى بالكاتب أن يراجع المصادر التاريخية الثرية في تاريخ بريدة ومنها هذين المصدرين الوحيدين في مناقشة أمثال هذه الروايات التاريخية لبريدة والتي تروى على عواهنها.
ولكشف مغالطات رواية الكاتب أقول كيف بأمير يهُزم هزيمة شنعاء ويقُتل من أهل بلدته وبلدة عنيزة شركائه بالانتقام في معركة بقعاء, كيف يقتل منهم الكثير وهو مستعد للقضاء على دولة حائل هذه مقدمات ونتائج لا تجتمع.
أما قوله أن قضاء آل سليم ببريدة كان \"في بداية الدور السعودي الثالث \" وقوله بأنه تحول القضاء إليها حيث قال \"تولى من عائلة \"آل سليم \"الشيخان \"عبدالله وعمر السليم\"وهذان الشيخان أسسا مدرسة دينية وتعليمية اُطلق عليها فيما بعد \"مدرسة آل سليم \"المتحمسة كثيراً لدعوة \"الشيخ محمد بن عبدالوهاب \"وتتجه في تعليمها إلى المحافظة الشديدة\"
فهذا فيه أخطاء كثيرة فمدرسة آل سليم العلمية سابقة لهذا التاريخ في عطائها العلمي والدعوي بثلاث عقود حيث بدأت من عام 1275ه هذه واحدة, الثانية قضاء آل سليم كان في الدولة السعودية الثانية وكذلك في الدولة السعودية الثالثة مرورا بقضاء أمارة آل مهنا في بريدة وإمارة آل رشيد بين 1291ه 1320ه الفترة التي لم تكون دولة آل سعود الثالثة قائمة, وهذا وهم وتخرص من الكاتب يدل على عدم معرفته بتاريخ بريدة وما حولها فضلا عن أن ينصب نفسه محللا لأحداث بريدة. أما قوله عن مدرسة آل سليم \"وتتجه في تعليمها إلى المحافظة الشديدة\" فهذه عزيمة شرعية محمودة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فأخذ الدين بقوة والاستمساك به بقوة مطلب شرعي وفضيلة تحمد وإن ساقها الكاتب مساق الذم.
ثم استمر الكاتب يصف مدرسة آل سليم بقوله \"هذه المدرسة النجيبة التي خرجت الكثير من الدعاة والقضاة العظام واصلت محافظتها وتشددها\"
نشكر الكاتب على ثنائه على هذه المدرسة لنجابتها ودورها في النتاج العلمي ولكن نقول له ما معنى التشدد؟ هل من كان معه دليل من كتاب وسنة وله سلف من الأمة في تمسكه بأمور الدين مما لا تروق للبعض, يوصف بأنه متشدد في مقابل هذا البعض المتفلت المفرط؟ إن كان المقصود هذا, فأنعم وأكرم بهذا التشدد أما إن كان تشدد مقابل التنطع عن جهل وبلا دليل من كتاب وسنة فهذه دعوى نطالب كل من يقول بها سواء هذا الكاتب أو غيره أن يقدم دليله الشرعي والواقعي عليها.
ثم استمر يصف مدرسة آل سليم بقوله \"ووصلت أخيراً إلى فتوى \"بتكفير الأتراك \" وتفرع من هذه الفتوى فتاوى فرعية تكفر من يذهب إلى العراق والشام ومصر ويتعامل مع سكانها وبالتالي تكفير كافة رجال عقيل الذين لا يمتثلون لهذه الفتوى\"
فأقول للكاتب ومن على شاكلته ممن يرددون هذه الدعاوى بلا دليل أقول لهم أما تكفير الأتراك فهذا كذب محض نقضه الملك عبدالعزيز في رسالة له وجهها لآهالي القصيم بهذا الشأن هذه واحدة, الثانية المعروف بأن المدرسة الإصلاحية النجدية السلفية لا تكفر الأعيان إلا عند إقامة الحجة والبينة وخلوا الموانع والإصرار كما هو نهج أهل السنة من السلف.
أما كفر الدولة العثمانية كنظام وحكومة والذي التبس على الكاتب أمره فقال عنه \"تكفير الأتراك\" فهذا مبحث آخر ليس مدرسة آل سليم هي من قالت به بل هذه فتوى مشائخ دولة الدعوة الإصلاحية كلها من لدن الشيخ محمد بن عبدالوهاب, وهو رأي صرح به الملك عبدالعزيز في رسالته لأهل القصيم التي أشرنا لها, وصورة هذه الرسالة موجودة في مجلد 3 من معجم أسر القصيم للعبودي ولابن اسحاق رسالة بهذه الفتوى, وهذا لا يعني أنهم يكفرون الحكام بأعيانهم أو أفراد الأتراك وشعوب الديار التي يحكمها الأتراك بل يكفرون الدولة العثمانية كنظام لما ترتكبه من مكفرات وهذه المكفرات اعترف بها وأعلنها الملك حسين الشريف حاكم الحجاز من قبل الدولة العثمانية في بيان أصدره في جريدة أم القرى قبل الفتح السعودي لمكة وبعد أن اتضح له خطر الدولة العثمانية عليه, وبعد مفاوضاته مع بريطانيا ووعودها له بالملك وإعلانه الثورة العربية الهاشمية, هذا الحاكم الذي كان أحد أفراد مدرسة ابن جاسر يفاوضه على الهجوم على نجد وبريدة خصوصا نكاية بمخالفيه ونصرة لسياسة ابن رشيد الذي أفل نجمه وهذه المفاوضة كانت في وقت قريب من إعلان الثورة العربية الهاشمية !
وهذا البيان والإعلان من الشريف موجود في ارشيف جريدة أم القرى ولو قرأه أحدنا من دون أن يعرف أنه صادر من الشريف وعلماء مكة في ذلك الوقت, لقال القارئ إن هذا بيان من حكومة نجدية وعلماء نجديين, وهذا فيه دليل على تباين وتذبذب وخطأ المواقف الشرعية ممن لم يرى أخطاء نظام الدولة العثمانية الشرعية في تلك الفترات ممن ناصر ولاتها من أمثال ابن رشيد كما هو عمل مدرسة ابن جاسر وتلامذتها.
أما مسألة تكفير من يسافر لبلاد الأتراك كما يقول الكاتب فهذا أيضا محض كذب وفرية ودعوى لا دليل عليها ويكفي في ردها أن نورد قول الشيخ ابن عمرو أحد أفراد مدرسة ابن جاسر في رسالته لابن رشيد التي قدم فيها وشايته بمشائخ آل سليم وطلابهم إلى ابن رشيد حيث قال ونص فيها على \"أنهم يحرمون السفر لبلاد الكفر بشروط تعجيزية\" فهذا ألد أعداء مدرسة آل سليم يشهد لها في أعظم وشاية له فيها عند ابن رشيد بأن آل سليم يحرمون السفر بشروط ولم يقل يكفرون وليس تحريمهم على الإطلاق بل بشروط, فمن أين جاء النقيدان بمسألة تكفير من يسافر إلى تلك الديار! هذا جهل وكذب وافتراء.
ولتفنيده أيضا نذكر أمثلة من تعاملات مشائخ آل سليم مع رجالات العقيلات ممن تمسك بالشروط والآداب الشرعية للسفر لبلاد الأتراك, فعبدالكريم الناصر الجربوع من كبار طلاب آل سليم وهو وأبناؤه وأبناء عمه من كبار رجالات عقيل وقل مثل ذلك في أسرة اليحيى وغيرهم كثير وهي أسر مقربة ل مشائخ آل سليم, ومن الأمثلة قصة أوردها ابراهيم المسلم في كتابه العقيلات فيها مراجعة أهل عقيل للشيخ عمر بن سليم في أقضية حسمت بينهم وفيها تسامح الشيخ عمر وإقراره لقضائهم فيها.
وإليك أيضا مثال آخر مثال صارخ في تكذيب هذا الادعاء فالشيخ سابق ابن فوزان رأس وكبير العقيلات من أهل بريدة في الشام وهو معتمد الملك عبدالعزيز في مصر هذا الرمز العقيلي أمواله في توسيعة مسجد الجردة وكتبه الخيرية المتاحة لطلاب العلم يداولها ويتصرف فيها الشيخ عمر بن سليم وقبله أخيه الشيخ عبدالله بن سليم في الوقت الذي كان ابن فوزان مستقرا في مصر, فكيف يجمع النقيدان وغيره بين هذا الأمر وتكفير من يذهب لبلاد الشام ومصر من رجالات العقيل, هذا الإدعاء بأن مدرسة آل سليم تكفر هؤلاء؛ بهتان كبير ونحن نطالب النقيدان وغيره بالدليل على هذه الدعوى وإلا فإن مشائخ آل سليم وطلابهم خصمهم يوم القيامة.
ثم قال عن أثر مدرسة آل سليم \"وتسلسل سيناريو التكفير حتى وصل إلى تحريم لبس العقال لأنه لباس القوم الكافرين. فانشغلت بريدة ... في قضية التكفير وكان هرج المجالس, ولغة الناس الغالبة وكل فرد لا يتقيد بفتاوى تلك المدرسة يطلقون عليه مسمى \"الكويفر\" \".
أقول هذا تلبيس من الكاتب أو جهل منه أو توهم وقع فيه, خلط فيه الكاتب بين فكر ومسلك الإخوان البدو المتدينين وبعض طلبة العلم ممن كان يُنظر لهم ممن كان لهم موقف مغاير وغير متسامح مع مشائخ آل سليم بوصفهم لمشائخ آل سليم بأنهم متساهلين مع الحكام آل سعود وبين موقف مدرسة آل سليم من تلك القضايا فموقف مشائخ آل سليم واضح بين فيها وأحيل القاريء على رسائل وفتاوى الشيخ عمر بن سليم التي طبعت مؤخرا من قبل دار النفائس ببريدة أو يراجعها في مضانها في رسائل علماء نجد أو يسأل هل الخبرة والعلم بها ليطلع على رأيهم الموثق وليتضح له كذب وافتراء وتلبيس النقيدان وأمثاله في هذه الادعاءات على مدرسة آل سليم.
ثم يواصل النقيدان فيقول \"هذه الضجة الكبيرة ...... أدت ل..... انقسام مدرسة السليم إلى مدرستين مختلفتين تماماً, بعد خروج التلميذ النجيب \"إبراهيم الجاسر\" عن هذه المدرسة. وأسس مدرسة جديدة سميت في ما بعد مدرسة \"آل جاسر\" أنظم إليها بعض من تلاميذ مدرسة \" السليم \" وتشتهر هذه المدرسة بالانفتاح, ورفض تكفير الأتراك, وبالتالي رفض تكفير رجالات عقيل.\"
وهذا تأكيد منه على كذبه في تكفير رجالات عقيل من قبل مدرسة آل سليم أما نحن فنقول إن خلاف آل سليم مع ابن جاسر ليس خلافا جذريا بل المؤثر فيه مر على مرحلتين المرحلة الأولى نغض الطرف عنها لحساسيتها وهي في مطلع عام1300ه.
أما الخلاف الأخير فدوافعه سياسية أدخل فهيا مسألة دعوى تكفير الأتراك لأن حزب من أهالي بريدة ظنوا أنهم قادرين على الانفصال عن دولة الملك عبدالعزيز رحمه الله والركون للدولة العثمانية وذلك في الفترة التي بين 1326ه 1329ه العام الذي اسقط بيد هذا الحزب حيث باءت محاولاته بالفشل وضعف سنده بعد طرد الجيش التركي من مركز إقامته في بلدة الشيحية غرب بريدة الذي كان هذا الحزب على تواصل معه كما أنه تم حصار تأثير إمارة ابن رشيد في حائل وما حولها والذي كان أيضا على تواصل مع هذا الحزب البريدي الرشيدي إن صح التعبير ومعروف أن هؤلاء وابن رشيد يعتمدون على حكم الدولة العثمانية وبالتأكيد سيكون الموقف من هذه الدولة موضع خلاف مع من لا يعتمد على الدولة العثمانية وانتهى هذا الخلاف بهروب رموزه من آل مهنا وانتقال الشيخ ابن جاسر بطلب من ابن رشيد وإذن من الملك عبدالعزيز رحم الله الجميع, وقد حقق الشيخ العبودي هذا الأمر في معجم أسر بريدة عند سيرة ابن جاسر وبذلك يتضح مكمن الخلاف في الموقف من الدولة العثمانية, أما التحزب في مثل هذه الظروف أمر طبيعي خصوصا في أمور السياسية ومسلك الأتباع فيه وتكرر مثل هذا في حوادث عديدة في الفترات الأخيرة مما أنتج الخلاف الذي يشير له النقيدان بقوله \"وعلى إثر هذا الانقسام انقسم الشارع البريدي إلى \"كويفر_ومسلم\" .لاحظ الانقسام الحالي بين \"لبرالي _وإسلامي\"
أما تقسيمه لكوفير ومسلم بين آهالي بريدة فقد فندناها آنفا وظهر بأنه تلبيس من الكاتب ليصله بالنتيجة الأخيرة وهي قوله ليبرالي وإسلامي فنحن جميعا لم نسمع ضجيجا لمصطلح ليبرالي مقابل إسلامي إلا بعد الحادي عشر من سبتمبر واحتلال العراق على وجه الخصوص وهذا اتكاء من تيار مناهض للفكر الاسلامي يتمثل بفكر دخيل على مجتمعنا يعزز به فكره الدخيل الذي يحبه ويهواه وهو اتكاء يتناغم مع ضغوطات الغرب ممثلا بأمريكا وبريطانيا, اعتمد هذا التيار على قوة أمريكا المسوقة لليبرالية ومفاهيمها الغربية طبعا بذرائعها من المنهزمين من بني جلدتنا وبهذا يتضح تحيز أمثال النقيدان وتلبيس الأحداث القديمة لتشبيهها بالحديثة لأمر يراد أو لغلبة هوى أو أماني كاذبة جاهلة.
ومن تخرصات النقيدان قوله وكانت مدرسة \"الجاسر\" تميل إلى فكر \"سليمان بن عبدالوهاب \" الأخ الشقيق لصاحب الدعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. والمتعارضتين تماماً .\"
ونحن نقول لطلبة العلم ممن يعتبر نفسه من مدرسة ابن جاسر رحمه الله هل ترضى أن يشبهك النقيدان وأمثاله بمن يناكف دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في مسألة القبور والتوحيد مكمن الخلاف بين إمام الدعوة وأخيه, إذا كانت هذه المدرسة وتلاميذها يرضون بهذا فكلام النقيدان إذا صحيح مائة بالمائة وهو تأكيد على صحة الخلاف الحساس عام 1300ه بين المدرستين والذي غضضنا الطرف عن تفصيله.
مع أن هذا نفاه الشيخ محمد العبودي عن مدرسة ابن جاسر في حديثه عن سيرة ابن جاسر في معجم أسر بريدة وأظن أن العبودي أكثر خبرة ودراية من النقيدان بمثل هذه الأمور.
أما قول الكاتب بهروب إبراهيم الجاسر إلى حائل بعد ضغوط شديدة ا ضده خروجه من حائل إلى الكويت واختفائه بالطريق بظروفٍ غامضة فهذا غير صحيح كما أسلفنا ووفق تحقيق العبودي حفظه الله فليراجع في مضانه من مؤلفات العبودي.
ثم استمر الكاتب يقول \"ولكن مدرسته ظلت تمارس عملها في بريدة وقد تخرج منها الكثير من الطلبة وغالبيتهم اشتغل بالشئون الإدارية والتعليمية فقط دون الدعوة والقضاء وهم من تولى إدارة التعليم وإدارة المدارس والمعاهد\"
ونحن نقول هل صالح العمري رحمه الله أول معتمد للتعليم في بريدة من مدرسة ابن جاسر, بل هل الشيخ عبدالله بن إبراهيم بن سليم الفلكي العلم المشهور مدير أول مدرسة نظامية في بريدة وأول مدير لمعهد المعلمين هل هو من مدرسة ابن جاسر, وهل أول معتمد تعليم للبنات ببريدة وهو الشيخ عبدالله بن عمر بن سليم من مدرسة ابن جاسر وهل أول مدير للمعهد العلمي ببريدة وهو الشيخ محمد العبودي من مدرسة ابن جاسر بالطبع الجواب لا وهذه القيادات بهذه المناصب, دليل قاطع على مغالطات النقيدان التاريخية بشأن بريدة وعرضنا بهذه الصورة غير محبذ لنا ولا للعقلاء ولكن جرنا لعرضه جهالات هذه الأطروحات المتسرعة الغير موثقة.
وفي الأخير جاء النقيدان لمربط الفرس بعد دوامة تاريخية موهومة صورها للقارئ دوامة كلها أخطاء لا شأن لها بحدث ثوار المقهى كما يسميها النقيدان حيث قال \" في زمن انتفاضة المقهى كان يرأس هيئة الأمر بالمعروف أحد تلاميذ آل سليم الحريصين جداً على المحافظة, والناشط الجيد الذي لعب دوراً في هذه المدرسة وهو فضيلة الشيخ العالم صالح بن أحمد الخريصي ..... وهذا ما يجعلنا نفهم السبب الأساسي لتلك الإجراءات الصارمة التي اتُخذت ضد ثوار المقهى , وإن كان هذا يدل على شيء فإنما يدل على حرص هذا الشيخ على محاربة الشبهات التي تؤدي حسب وجهة نظرة إلى الفساد رحمه الله وغفر له\".
الخلاصة أن النقيدان أقر بنفسه أن هناك فسادا يراه الخريصي حسب رأيه في مرتادي المقهى فهل نقبل رأي الخريصي أو نقبل رأي النقيدان ؟ وهو قد وقع في هذه المغالطات والأخطاء التاريخية الفادحة من خلال سرده التاريخي.
والنتيجة التي توصل لها النقيدان بعد إثباتات لا تمت لتاريخ بريدة إلا في أمانيه هو قوله \"إذاً هذه بريدة ...... مزيج من الآراء ومزيج من الفسيفساء وليس لها وجهة محددة تستطيع أن تحدد ملامحها\"
فنتيجة النقيدان هذه مبنية على أن فكر المنيف وفكر القصيمي كان عاملا أساسا في حراك بريدة الفكري ونحن أثبتنا بأنه وهم وخطأ وعليه تكون نتائج النقيدان هذه مبنية على خطأ وما بني على خطأ فهو خطأ.
والنتيجة الأخرى العجيبة والتي أعجب من سابقتها تتضح من قوله \" ولكن كلنا يعرف أن الصوت الديني يعلو على كل الاتجاهات والأفكار فيها. ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي الوجه الشرعي لهذه الدولة التي وحدت الجميع تحت شعار الشريعة الإسلامية. لذلك لا بد أن تخفت الأصوات الأخرى حتى لو كانت تشكل الأغلبية. فالدين مقدم على الجميع. هذا هو شعار الوطن ولا يمكن لأحدٍ تغييره مهما كان ومهما كُتب من أفكار ووجهات نظر أخرى.\"
هذه النتيجة التي خلص لها الكاتب متناقضة فكيف يكون الجميع توحد وأغلبيته المخالفة ساكتة وضد صوت هؤلاء المتوحدون من أهل الدين؟ والتناقض في هذه النتيجة ينفي كل محاولات وصف بريدة بأنها بلدة التناقضات الفكرية.
فهل النقيدان يعني بهذه الأغلبية مدرسة المنيف أو مدرسة القصيمي التي أوهم القارئ بأنها عاملة مؤثرة في بريدة أو أن هذه الأغلبية هي من مدرسة الجاسر التي تولت المدارس والمعاهد كما زعم النقيدان وهما وتلبيسا وأماني ودعاوى تخالف الواقع فأين هذه الأغلبية الساكتة هل يستطيع النقيدان أن يذكرها ويوصفها بالتحديد أو يعدد رموزها ؟ سؤال نتركه للنقيدان ؟
ثم ختم قائلا \"هذا تفسير واجتهاد مني مبني على الحقائق وأخبار التاريخ, الذي سمعناه وتعلمناه عن هذه المدينة\"
ونحن نقول قد فندنا كل التاريخ الخاطئ الذي وصفته لنا في هذا السرد مما تعلمته وسمعته عن تاريخ بريدة, فهل في جيبك تاريخ آخر لم تذكره؟ والسؤال الذي يحار فيه النقيدان وأمثاله لماذا لم تمتاز بريدة إلا بالدين والعلم والتعليم والدعوة ؟ ولماذا لم تبرز تلك الأغلبية الساكتة؟!
أسئلة نتركها للنقيدان, ونترك القارئ الكريم الحكم .
محمد بن صالح السليم
بريدة تعليم القصيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.