كما كانت صحيفة الجزيرة سبّاقة دوما ؛ لإنجاز صحافة وطنية بمهنية عالية , فإنها لا تخيب ظنا كعادتها , حين انفردت بتصريح - سماحة الشيخ - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - مفتي عام المملكة - , عن باقي الصحف المحلية , وهو يدعو كافة المطلوبين إلى : " استثمار فرصة دعوة وزارة الداخلية ؛ للعودة إلى رشدهم , والمبادرة بتسليم أنفسهم " . هذه الرسالة من سماحة المفتي , بتسليم المغرر بهم , والمطلوبين للأجهزة الأمنية , ودون الالتفات إلى اللغط الحاصل , من التخوف عند تسليم أنفسهم , - سواء - من الذين سهل الإيحاء عليهم , ومن ثم توظيفهم لأهداف خاطئة , أو ممن لم يعرفوا حجم المؤامرة التي تورطوا بها . , ذكرتني برسالة - الشيخ - سفر الحوالي , حين وجه - ذات مرة - رسالة للشباب المطلوبين , بأن : " يبادروا بتسليم أنفسهم طواعية دون عنف , وأن يتركوا الحكم النهائي للقضاء " . وهي خطوة - بلا شك - أفضل من التحرك كالخفافيش في الظلام , والعمل خلف الكواليس , بعد أن تغيرت نحوهم الوجوه , وتغيرت القسمات , واصفرت البسمات . إن التحرك بروح الفريق الواحد , وإنهاء معاناة المطلوبين , واجب على الجميع . وفي ذلك تحقيق الخير لهم , ولأسرهم , ومجتمعهم , ووطنهم , في العاجل , والآجل . كما أنه من الأهداف المشروعة ؛ لتحقيق العدالة , ورفع الظلم , واستعادة الحقوق , والقضاء على الفكر الإرهابي , أو الحد منه . ولا يتحقق ما سبق إلا بمتابعة المطلوبين أمنيا , من الذين تبنوا الفكر الضال , ووقعوا في براثنه . إن نماذج مشرقة , كانت من أشد المطلوبين شرا , حين غُرر بهم بجهاد زائف , لم تحجزهم الأوهام عن الوصول إلى الحق , ولم تثنها الديجور عن مواصلة طريق العبور , فقاموا بتسليم أنفسهم إلى الجهات الأمنية بعزم , وصدق . وجاهدوا على نشر سياسة المكاشفة , والمصارحة , بصورة غير مسبوقة , بلا تردد , ولا تبديل ؛ لإيضاح الموقف للرأي العام , وكشف المنزلقات الفكرية التي تبناها الفكر الضال . من اطلع على رسائل بعض التائبين من أرباب الفكر الضال - سابقا - , وقرأ استشهادهم بنصوص شرعية , بعد أن قاموا بتفسيرها بشكل منحرف ؛ لتبرئة سلوكهم العنيف , فولدت ثقافة الإرهاب , وأنظمة الإرهاب . سيتبين له من خلالها , نعيق غربان الخارج , لما يتضمنها من مغالطات تفضح , ولا تنفع . صحيح , أن أفرادا من هؤلاء , امتلأت قلوبهم بالكراهية بدل المحبة , وسعوا للموت بدل الحياة , ووظفوا ثقافة القتل توظيفا أيديولوجيا , لكن علماءنا كانوا على درجة عالية , من الشجاعة في مواجهة الواقع , عارفين بأحواله , جريئين في تشخيصه , وعلاجه . فقاموا بتبني تصحيح الأفكار الضالة , مما يتطلب تحصينا من الانزلاق في هكذا متاهات ؛ لأنها جاءت من بيننا .