يوسف الكويليت - الرياض السعودية إيران في حالة استفزاز تام، فقد سقطت مؤامرتها على الخليج العربي بكشف شبكات التجسس في الكويت، وإيقاف عمليات الفوضى في البحرين التي أكدت الدلائل على أن مشروعاً صيغ بطرق عسكرية ومذهبية، أوقف من قبل دول المجلس، وهو ما أثار إيران وصارت تملي الأوامر بخروج قوات درع الجزيرة، لكن خلف ذلك كله الصورة المترجرجة داخل إيران نفسها بكسب المعارضة تجربة عربية، يمكن وضعها قيد التنفيذ بواسطة تظاهرات وحالات عصيان قد تبدو معها التركيبة المذهبية المتحالفة مع الحرس الثوري بدكتاتورية أعتى وأقسى من (سافاك الشاهنشاه).. الوهابية الخائنة، وفقاً لكلام المسؤول الإيراني، والذي طغت عليه انفعالاته، وفقدانه لاتزان رجل الدين الواعي، لا يجعلنا نقول أو نرد بأن المذهب الشيعي خائن، أو نتعرض لرموزه التاريخيين بأي نعت معين لأننا تربينا على أخلاق المسلم الذي لا يخلط التعصب المذهبي بالسياسي، وأيضاً سينعتوننا بخونة الحرمين الشريفين لا خدمتهما، ومثل هذا الاستهلاك للصوت المرتفع وغير المسؤول لا يغير من قناعاتنا ومواقفنا، فإيران تخسر كل يوم متعاملاً وصديقاً، وحالة العزلة التي فرضتها على نفسها لا تسأل عنها الأطراف الدولية، بل السياسات العمياء التي ظلت تفكر خارج سياق الواقع والمتغير العالمي.. فأصحاب الحوزات والملالي والآيات ممن ساهموا وبقوة في ثورة الخميني، هم من خرجوا للمعارضة، ورفضوا أساليب التسلط والقمع نتيجة حصار اقتصادي وسياسي، جعل الشعب الإيراني يفقد أبسط حقوق العيش والحرية، وقتها لم يُقل إن دوافع المعارضين إملاءات أمريكية أو استكبار عالمي أو مؤامرة صهيونية، لأن من خرجوا بشجاعة المؤتمن على رسالته، لا يستطيع الطعن فيهم من هم أقل مرتبة دينية وتضحيات في زمن الشاه، ثم زمن الملالي القائم على السلطة.. فالعالم تسوده ثقافة مختلفة عن صورة المرشد الذي يكيف النصوص الشرعية وفق قناعاته وخدمة مواقفه، والدليل أن سلطة إيران تخشى تقنيات العصر أكثر من الاعتداء الخارجي المفترض، أنها قطعت الإرسال عن الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، ولم تتح الفرصة للمراسلين الأجانب لعكس صورة إيران من الداخل، بدلاً من اعتقالهم وسجن المراسلين بدعوى التجسس، ولم تبادر إيران إلى ذلك لولا أن الأساس الاجتماعي والاقتصادي والقناعة الشعبية بالسطوة الدينية تتداعى، إلى حد لا يمكن فيه ترقيع وضع بدأ يدخل مرحلة الصراع الحقيقي.. لقد كشفت حكومة إيران وملاليها أن الدبلوماسية والجوار الآمن والتعامل بعقلية عصرية، هي موانع أمام عقلية تريد أن تهيمن بأسلحة لم تعد تصلح في زمننا الراهن..