حسب طريقة الناس هنا على الاسترشاد بالفتوى حتى في أمورهم الهامشيّة أبدأ بسؤال : أيجوز للمراجع مصافحة فضيلة القاضي ؟ إذا كان الجواب لا، أوضحوا للناس كل الناس في مداخل جميع المحاكم أن " لا مُصافحة للقاضي " . أما إذا كان نعم يجوز مصافحته ولا بأس في ذلك، فما هو حكم رفض القاضي مد يده الكريمة لرد التحيّة ؟! لا تعتقدوا بأنني أسخر أو أخترع حكاية من خيالي للتسلية فهذه الجريدة لم يعرف عنها إلا الرصانة في الطرح والموثوقية في المعلومة والأخبار. إذن: لنبدأ الحكاية كما رواها لي صاحب الشأن بنفسه عن طريق الهاتف بعد أن طفح به الكيل. يقول راجعت محكمة (...) في قضيّة عند أحد القضاة (أحتفظ باسمه) وعند دخولي عليه واحتراماً لمكانته مددتُ يدي لمصافحته ولم يُكلّف نفسه العناء حتى بالنظر إليّ وحين طالت المدّة ونفد كل ماء الحياء في وجهي بدأ شعور الكرامة التي أُهينت يتصاعد فسألته لماذا لا تمد يدك للرد على مصافحتي؟! نظر لي شزراً وبوجهٍ عابسٍ مُتجهّم كعادته قائلاً إجلس ليس هذا مكاناً للمصافحة. يقول صاحبي تفقّدت نفسي فقد أكون ارتكبت فعلاً من دون قصد جعلتُ سماحته رضي الله عنه يقف منّي هذا الموقف العدائيّ وحين لم أجد شيئاً قلت لعل وجهي الحليق سبب في ترفعه عن مصافحتي ، أقول يمكن. الشاهد في الموضوع أن صاحبنا إلى الآن يشعر بأن كرامته قد أهينت ويسألني لمن أشتكي ليس من أجل ما جرى لي فقد حدث وانتهى الأمر، ولا أظن بأن أحداً سيُنصفني حسب مقولة العامّة (إذا كان خصمك القاضي من تقاضي) ولكن حتى لا تتكرر القصة مع غيري ويُجبر الناس في البحث عن العدالة تحت عباءة الإهانة. يقول الشاعر الألماني العظيم " غوته "(1749-1832) بأن ليس ثمّة قانون يُجبرنا على تحمّل الإهانة.. أيضا الشاعر العربي يقول: مَلأَى السنابلِ تنحني بتواضُعٍ والفارغاتُ رؤوسهنّ شوامِخُ