ما أصعب اللحظات التي يشعر فيها المرء أن ثمة نورا بين جنبيه ينطفئ، وأن ثمة غمامة من الحزن مقبلة، تتغشى عينيه، وتكدر صفو الحياة، وتستدر دمع الرجال، ولا عزاء لأحد. «كل نفس ذائقة الموت» ولولا هذه الآية الكريمة لكان الفداء له بالروح والمال والولد، فهو ليس نفسا واحدة، وإنما نفس يموت بموتها الكثيرون، ويبكي عليها الأيتام والأرامل والمحتاجون. ليس الراحل، هذه المرة، إلا «إخلاصا» متمثلا في رجل، وإلا «شمعة» تضيء للناس طريقهم، دون أن تحترق، وإلا «منارة تواضع» أعلى من كل أبراج الدنيا، يصدق فيها قول الشاعر: ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ وإلا «روح» وهبت نفسها للجميع، تشعل حماسهم، وتقضي حاجاتهم، وتتفقد حوائجهم، دون انتظار شكر ولا جزاء، بل فوق هذا كله، دون «رغبة» في تلقي الشكر والجزاء، فهو الغني بالله، ولا حاجة به إلى أحد من خلقه، وهو المستغني بربه جل في علاه، ولكنه الواهب الأفضال للآخرين دون من ولا قطيعة. لقد ثلم الكرم والعطاء بموته، فليس اسم عبدالله بن سلطان الدويش رئيس مركز الارطاوية إلا مخرجا لطوارئ القلوب، يلجأ إليه الإنسان عندما تحده الظروف، وتغلق في وجهه كل الأبواب، فيجد هذا الباب أمامه مفتوحا، ينتظر عبوره إلى بر الأمان. لقد رسخ هذا الاسم في أفئدة الكثير ممن حوله، على أنه مرادف للكرم وأطيب الشيم، التي يمكن أن يتحلى بها عربي مسلم كريم. وإن كان عبد الله بن سلطان قد مات، فإن أفعاله حية لا تموت، وفضائله تنمو وتتفرع وتزهر، وذكره باق إلى الأبد؛ ليروي قصة كريم معطاء. برجس بن فهد العيباني الأرطاوية