لخّص الفرنسي كوسيديير( 1808-1840) الفكرة بقوله إن النظام ينبغي صُنعهُ من الفوضى، بمعنى أن القوانين والأنظمة حين تُقرها السُلطات التشريعية في بلدٍ ما تستمد قوتها من تطبيقها خصوصاً حين تسود الفوضى ويصبح الفلتان وليس القانون هو سلاح الأقوى . حين يضرب التنفيذي بقوانين البلد وأنظمته عرض الحائط فكأنه يرسل شفرة بعدم قناعته بها ويقول (معصيّ). لا أود الاسترسال في هكذا حديث ولأدخل في حكاية اليوم بشكل مباشر فأقول: كنتُ قد كتبت في هذا المكان قبل حوالي أربع سنوات مضت بعنوان (نظام الإجراءات الجزائية والحفاظ على الكرامة..) تحدثت عن جزئية من النظام وتحديداً في الفصل الأول المادة الثانية التي تنص على عدم جواز القبض على أيّ إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة المحددة من السلطة المختصة، ويحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة. اليوم رغم كل المُتغيرات ، وفي وقتٍ يتصاعد فيه الحديث عن بلادنا وأن لا قوانين فيها تحمي حقوق الإنسان ها أنا ذا أتحدث عن ذات الموضوع وأقول لدينا قوانين ولدينا أنظمة سنتها الأجهزة المُختصة ويحرص ملك بلادنا شخصيّاً على تطبيقها ولكن للأسف الشديد يشوّه بعض التنفيذيين هذه الرغبة الملكيّة. حين يقوم جندي في نقطة تفتيش أو عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سوق أو طريق أو مقهى بانتهاك خصوصية الناس صغاراً كانوا أم كباراً بتفتيش جيوبهم أو جوالاتهم وسياراتهم أو حتى استيقافهم دون إذن مكتوب باسم الشخص أو مركبته ورقم لوحتها فهم كمن ضرب بالنظام عرض الحائط . لا يُقبل السكوت على تلك التجاوزات غير النظامية وإلاّ ما معنى حين تُلاحق سيدة تتمرمط على الرصيف من أجل بيع (بيز) أو فصفص وخلافه ويُضيّق عليها جهاز ضبطيّ (ديني) بحجّة ردع النساء عن الخروج من المنزل؟ أيها النظام لقد أهانوك..