لا أريد أن أقلب المواجع وأصف الحالة التي تصل فيها مدينة جدة بعد المطر، لسبب بسيط وهو أن كل ما قيل عن أسباب كارثة سيل أربعاء عام 1430 مازالت مستمرة.. وسوف تظل أسباباً لكل ما سيأتي جدة بعد كل زخة مطر! فلو أننا طبقنا الحلول التي سمعناها تتردد في كل تصريح، لما وجدنا أنفسنا مرة أخرى في فاجعة سيول جديدة كالتي شهدناها مرتين خلال شهر واحد. لذلك أريد أن أطرح حلاً واحداً سبق أن كتبت عنه في هذه الصحيفة في 14 /12 / 1430 يصب في المشكلة مباشرة ويضع لها حلاً عملياً بدلاً من تضييع الوقت بصفة مستمرة في التبرير وتوزيع التهم كأننا نحاول تضييع المسؤولية والهروب من المحاسبة. بدون أية مقدمات، تكمن المشكلة في عدم وجود سدود لصد السيول من مساقطها.. وعدم وجود مجار لتصريفها من داخل المدينة. ولأننا مازلنا تائهين في تحديد الجهة المسؤولة عن التقصير المتراكم منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أقترح إنشاء هيئة عليا مستقلة ليست لها إلا وظيفة واحدة وهي إنشاء السدود وبناء مجاري تصريف السيول ومياه الأمطار، يرأس هذه الجهة أمير المنطقة وتضم مهندسين ومخططين محايدين من جامعات وجهات حكومية من غير الأمانة ولا تضم في عضويتها أحدا من وزارتي النقل والمياه.. وتملك صلاحية التعاقد مع شركات ماليزية وتركية وكورية مباشرة دون الرجوع إلى أية جهة حكومية. إذا تمكنت هذه الهيئة من العمل، فإنها كفيلة بتوفير الوقت في سرعة التنفيذ والتغلب على الروتين والتضارب بين الجهات الحكومية. لا أعتقد أن أحداً سوف يعترض على وضع كل هذه المسؤولية والصلاحيات المالية في جهة واحدة، لسببين. الأول، أن كل أموال مشاريع المجاري وتصريف السيول التي قرأنا عنها في الصحف وكانت تحت مسؤولية عدة جهات، لم تنجح في إنهاء مشكلة السيول المزمنة. الثاني، لم تسلم تلك المشاريع من شبهة التقصير المالي والإداري والفساد. لذلك ما المانع في ذلك إذا كانت تمثل الطريقة العملية لحل أسباب المشكلة طالما أنها كفيلة بحماية سكان جدة من هجمات السيول. ولكي نضمن النجاح ونبعد أعمال هذه الجهة المقترحة من السقوط في الروتين، علينا أن نحدد لها عامين لإتمام جميع الأعمال وليس ذلك مستحيلاً. فأمامنا أمثلة كثيرة من حول العالم أقيمت فيها مثل هذه الإنشاءات في أوقات قياسية. إذا استثنينا الثلاثة شهور الأولى في التعاقد مع الشركات وتأهيلها، فمن المؤمل أن تكتمل هذه السدود والمجاري في ربيع عام 1434 وبذلك نقضي على مشكلة السيول وفواجعها إلى الأبد ومن ثم تعود الطمأنينة بين السكان من جديد.