غدا المطر البعبع الذي يخيف البلد، وتتزعم جدة قائمة الخائفين من أي قطرة تنزل هنا أو هناك .. والسبب أن ذاكرة جدة لم تمسح أحداث العام الماضي بعد حتى عادت أمطار أول أمس أحياء الخوف في نفوس قاطني جنوبها وشرقها، ومشكلة الرعب من المطر متواجدة في أي مدينة كبيرة من مدن المملكة قبل صغارها، مما يعني أن الهم واحد وإن تعددت المناطق. فموسم العام الماضي أثبت ذلك من خلال غرق مدينتي الرياضوالدمام وقبلهما جدة مما يؤكد أن ليس هناك مدينة يمكن لها أن تصمد أمام أية زخة مطر عابرة. ومشكلة تصريف السيول غدت هي المشكلة الواضحة في كل مدينة كبيرة، وإذا كانت هذه المدن هي الواجهة وهي التي انصبت فيها أموال ضخمة من الميزانيات المتعاقبة وما زالت بهذا السوء، فهذا يعني أمورا تقود لسوء الظن في المشاريع التي أقيمت هنا وهناك. فإذا عجزت 12 مليارا عن صد السيول في مناطق المملكة المختلفة تصبح المشاريع المنفذة هي العاجزة في كونها لم تقم وفق المعايير والمقايس الهندسية التي يجب أن تكون عليها تلك المشاريع. ولو قلت لأي شخص خبير جاء من خارج البلد بأن الدولة صرفت 12 مليارا في الفترة الأخيرة فقط لمجابهة السيول، فسوف يفتح فمه دهشة، وسيظن أن هذه الميزانية مبالغ فيها، ولن يصدق البتة أن هذه المصروفات صرفت فقط خلال عام أو عامين. والغريب أن كل مدينة تمتلك نفس المشكلات، فما تقوله عن جدة يمكن أن ينطبق على الرياض أو الدمام أو مكة أو جازان أو أبها، فسكان كل مدينة من هذه المدن يصفون مدينتهم بأنها غدت مدينة المتاهات، كون شوارعها لا تفضي بك إلا إلى الضياع بسبب انغلاق الشوارع وتحويلاتها التي لا تنتهي في عمليات صيانة، هي الأخرى لا تنتهي مع الشكوى من عدم جريان مجاري الصرف الصحي أو تصريف السيول وعشوائية التنفيذ لأجل المشاريع المقامة هناك. وكل مدينة سكنت أحياؤها في مجاري السيول، حتى إذا استسقينا كان هطول الأمطار كارثة على أولئك القاطنين في بطون الأودية ومساراتها. ويصبح السؤال الذي يفرض نفسه على جميع أمانات تلك المدن: كيف يمكن تفسير فشل مشاريع الأمانة مقارنة بالمشاريع التي تقوم بها شركة أرامكو على سبيل المثال. ولماذا تفشل مشاريع الدولة (ممثلة في الأمانات) والتي تستقطع مليارات الريالات، بينما مشاريع شركة كأرامكو تنجح بميزانية تقل عن ميزانيات الأمانات مجتمعة عشرات المرات. هل يعود ذلك لغياب المراقبة؟. عدم وجود رقابة ومساءلة في مشاريع الدولة يعطي فرصة للتلاعب والتحايل وتسليم المشاريع غير مكتملة أو غير مطابقة للمواصفات والرسوم الهندسية. فمن يجيب على مثل هذه التساؤلات؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة