إنه عصر الشاشة. هذه هي الحقيقة التي يقدمها كميل حوا في كتابه الجديد ""سبب آخر"" وهو عبارة عن سلسلة من المقالات التي نشرها في عدد من المطبوعات. يؤكد كميل حوا أن عيوننا غدت أسيرة الشاشات: شاشة التلفزيون، الكمبيوتر، الجوال. ويضيف إنه (لكثرة ما تتعرض عيوننا لهذه الشاشات يتكون لدينا إحساس بحرقة خفيفة على سطح العين، نتعودها، بل ونكاد ندمنها). الحق أن كميل حوا من خلال أفكاره التي يثيرها في كتابه سبب آخر، يعطي فسحة للعقل للتأمل. ولعل ما لفتني في طرحه حول عصر الشاشة، أنها أصبحت سلوكا جمعيا يمارسه الكبار والصغار، وأصبح هذا السلوك يعكس تفاعل المرء مع محيطه وانفعاله واندماجه في داخله، حتى إنه في لحظات يختلف ويتفق مع هذا أو ذاك، يضحك ويبكي، يغضب ويرضى. الشاشة تحولت من آلة يمكن التحكم فيها بالريموت كنترول أو لوحة المفاتيح لتقتحم كل هذه القيود وتقول لك: أنا هنا. وهي عندما تعطيك هذه المعلومة تحمل إليك خبرا أو رسالة. وتنتظر منك ردة فعل فورية تجاه هذه الرسالة، بصرف النظر عن كون هذه الرسالة عبر التلفزيون، أو شاشة سيارتك، أو جوالك. وحدها شاشات القلوب تبقى غير مرئية، ولذلك هناك صعوبة في فك رموز الابتسامات وتمييز ملامح الصدق فيها. كلها تتشابه، ويبقى الحدس هو الذي يقودك، وأحيانا حتى هذا الحدس لا يتقن القراءة الصحيحة.