تقول إنك تحبني، ولكنك قليلا ما تظهر هذا الحب. كنتَ في يوم ما تحلم بي، وتسعى جاهدا من أجلي .. ولما حصلت عليّ بعد لأي، بدا أنك لم تعد تبذل من أجلي بجد، ولم تنفذ أغراضي كما يجب، والسببُ أنك لما حصلت علي أخذتَ بالبداهة أني لن أتخلى عنك أبدا. كثير من الأحيان أتساءل إن كنتُ بالفعل أعني لك أي شيء على الإطلاق؟ ربما لو تخليت عنك لعرفت مدى أهميتي في حياتك، وكل ما أعمله من أجلك، فأنا وراء وضع الطعام على مائدة منزلك، وهذه الثياب النظيفة التي ترتديها، وأمن أولادك. أنا من يحقق لك طلباتك ورغباتك.. لولاي لما كانت لديك هذه السيارة المركونة في المواقف.. انتظرتُ طويلا كي أعرف حقيقةً متى تعي مدى أهميتي، وعظم احتياجك لي.. كلمتي الأخيرة، حتى لا أضطر للتخلي عنك: “راعني، كي استمر في رعايتك!” من يقول هذا لنا جميعا؟ سأخبركم فيما بعد، وأعتقد أن معظمكم قد خمّن المقصود. غريبٌ أننا لا نتعلم من ظروفنا، حتى لو كانت من وسط تجاربنا ومعاناتنا، فنحن دائما وراء أمر نريد أن نحققه أو نحصل عليه، والحكيم منا من يقدر ويقيّم ما يحققه وما يحصل عليه فيبقى مصانا ومعطاء بشكل أفضل وأداء أنفع، أكثرنا لا يفعل! يجري الأولادُ اليوم وراء آبائهم وأمهاتهم من أجل الحصول على سيارة، ومتى حصلوا عليها، وقد اقتصّت حجما كبيرا من دخل العائلة، وتضحي بعضُ العائلات بحاجات أساسية لتحقق لأولادها حلم اقتناء سيارة، ثم ما أن يملك الولد سيارة يبدأ بالعبث بها وكأنها لعبة بأرخص الأثمان، وعلى المنوال ذاته يلعب بحياته.. لأننا نحضر لأولادنا ما يريدون، ثم ننسى أنه كان من حقهم، وأقول من حقهم علينا، ألا نسلمهم السيارة، أو الدراجة، أو البلاي ستايشن، أو المحمول إلا بعد أن نزرع في فهمهم ووعيهم فلسفة الاقتناء، ومعنى التملك، وأهمية الحرص على ما تملك.. ولكن في بيئة يتعلم فيها الأولادُ أن الكتب تُرمى آخر العام الدراسي، وأن المحمولَ يُغير أكثر من مرة فقط من أجل ميزات لا تعني شيئا بالنسبة لمهمته الأصلية.. وأن يُفصّل 20 ثوبا في السنة الواحدة، ويشتري شماغا كل شهر بلا فائدة مرئية أو ملاحظة، فنحن إذن الملامون، لأننا شكلنا بيئة غير مناسبة للمنطق، ثم نغضب على أولادنا لما لا يعرفون أن يعيشوا بالبيئة المنطقية.