النصر يتعادل إيجابياً مع الشباب في دوري روشن للمحترفين    "التعاون الإسلامي" يعقد اجتماعًا وزاريًّا استثنائيًّا لبحث التطورات في فلسطين    "جنى" ذات ال (17) ربيعاً في خدمة المعتمرين والمصلين والصوام    تدريب لهيئة الهلال الأحمر السعودي في مول الباحة ضمن مشروع "معاذ" للسلامة الإسعافية    تكريم 52 حافظًا وحافظة للقرآن الكريم في جمعية تحفيظ شرورة    دعم القيادة للحملة الوطنية للعمل الخيري يعكس نهج التكاتف المجتمعي    محافظ الطائف يشكر القيادة على دعمها للحملة الوطنية للعمل الخيري    إنطلاق مشروع "الحرم بيئة نقية" في نسخته الثامنة    تبرعات منصة "إحسان" تتجاوز 10 مليارات ريال منذ إنشائها حتى الآن    الهلال يتغلّب على الفيحاء بثنائية ويواصل مطاردة الاتحاد    رئيس "سدايا" يدشّن مركز عمليات الحملة الوطنية للعمل الخيري    حافلات المدينة تعلن عن توفر مسار على مدار 22 ساعة    قنبلة من الحرب العالمية الثانية تعطل حركة القطارات في باريس    جيسوس: من الصعب منافسة سافيتش ونيفيز    بيولي المحبط يكشف سبب استبدال رونالدو    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه مواد مخدرة    مساجد بيش تواصل تنفيذ مبادراتها التطوعية والإنسانية بمساجد المحافظة    الأهلي ينجو من الخسارة أمام الخليج في دوري روشن    فيصل بن فرحان ووزير خارجية إيران يناقشان المستجدات في المنطقة            الهلال يهزم الفيحاء بثنائية ويضيّق الخناق على الاتحاد    الملك سلمان وولي العهد يتبرعان للحملة الوطنية للعمل الخيري ب 70 مليون ريال    الأميرة سارة بنت خالد ترعى حفل السحور الخيري السنوي لجمعية "إنسان"    القبض على شخصين في حائل لترويجهما مادة الحشيش المخدر    أمير منطقة جازان يشارك رجال الأمن في الميدان إفطارهم الرمضاني    إطلاق لائحة عضوية الهيئة السعودية للتخصصات الصحية    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد مسجد الفتح إلى سابق عهده كتحفة معمارية    برعاية خادم الحرمين.. مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها من جميع المذاهب يجتمعون بمكة    خطيب المسجد الحرام: رمضان موسم للخير والبركات فاغتنموه قبل فوات الأوان    السعودية ترحب باستضافة اللقاء المقرر بين أمريكا و أوكرانيا الذي سيعقد بجدة الأسبوع المقبل    السعودية ترأس أعمال الدورة 69 لاجتماع لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة    "بينالي الدرعية" تستعد للنسخة الثالثة بتعيين مديرَين فنيَّين    الوحدة يتغلّب على الرائد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    انقسام أميركي حاد حول سياسات ترمب وأثرها على الحكومة    رئيس محكمة استئناف جازان وقائد حرس الحدود بالمنطقة يزوران أسرة الخرد    «الغذاء والدواء» : فوائد الكمّون لا تُغني عن الاستشارة الطبية    مسجد الرحمة بجدة.. أول مسجد في العالم يُبنى على سطح البحر    الإبل.. سيدة الصحراء ونموذج للصبر    محافظ أبو عريش يدشن مبادرة "صم بصحة" لتعزيز الوعي الصحي في رمضان    وزارة التعليم و"موهبة".. تعلنان عن اكتشاف 29 ألف موهوب في المملكة    سمو أمير منطقة تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى احمد الحجيلي    17.6 مليار ريال إنفاق أسبوع.. والأطعمة تتصدر    موجز    بيئة عسير تقيم مبادرة إفطار صائم    ابنها الحقيقي ظهر بمسلسل رمضاني.. فنانة تفاجئ جمهورها    تفاصيل مهرجان أفلام السعودية ب"غبقة الإعلاميين"    تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية    9500 معتقل فلسطيني في سجون الاحتلال بينهم 350 طفلًا    طبيبة تستخرج هاتفًا من معدة سجين    تعليم جازان يطلق جائزة "متوهجون"    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    التسامح.. سمة سعودية !    









والنار من مستصغر الشرر ..
نشر في أنباؤكم يوم 18 - 01 - 2011


د. حسن بن فهد الهويمل - الجزيرة السعودية
سأطرح طائفة من القضايا الساخنة ذات المساس بمشهدنا المحلي، وإن بدت لذويها وكأنها الأهم، لتعالقهم معها، وانشغالهم عما سواها، وتلاحيهم من أجلها، وما من مرحلة إلا ولها قضاياها الملحة، وإن كانت في نظر المخالفين ثانوية.
ولقد يَهِمُ البعضُ فيؤثرون الأدنى ويستغرقهم المفضول {وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ}، وكم زين للذين غفلوا سوء عملهم وكأن الشاعر عناهم بقوله:
(يُقْضى على المرءِ في أيَّام محنته
حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن)
والأمة العربية ذات الهم المشترك والقضية المشتركة والمصير الواحد، تمر بمرحلة عصيبة، لن تصيب عقابيلُها قِطْراً دون قِطْر، والاشكالية أن الرِّدْءَ من المفكرين وسائر النخب يتمارون حول ثانويات إقليمية مقدور على تأجيلها، وهي بالاستدعاء أو بالتأجيل لا تقدم ولا تؤخر، ومخاضات الشارع السياسي العصيبة لن تمر بسلام، لأنها تستهدف الأمة كلها وإن انطلقت من إقليم لا يؤبه به، ولربما يتمكن الإطفائيون ودول الاعتدال من تأجيل الانفجار، والإرجاءات الوقتية إن هي إلا لحظات تسبق العاصفة، وما من جرح يرم على فساد إلا ولانفجاره موعد لن يخلفه، وساعتئذ لا ينفع الندم ولا إقبال البعض على البعض بالتلاوم.
ولكم يكون مفيداً لو أن حملة الأقلام وعوا مرحلتهم واستوعبوا أولوياتها واطرحوا فضول القول، وارتهنوا أقلامهم للتهدئة والتوعية فما عدنا بحاجة إلى مزيد من تبادل الاتهامات
والإمعان في الاقصاء وكشف السوْءات وتمكين الأعداء من التقاط فيوض اللغط بوصفها وثائق إدانة وتوهين.
وليس لدينا مزيدٌ من الجهد والوقت لإراقتها تحت أقدام النفوس الأمارة نحن أمة على بينة مما ينقصها واضحة المحجة ظاهرة الحجة، واستدبار القضايا المصيرية وإهدار الطاقات في قيل وقال استدامة لزمن التيه، والشارع السياسي ليس أقل خطورة من الشارع العام، إنه مليء بالألغام، وفتنة لا تصيب الذين أيقظوها خاصة.
وإذ نكون أهل قرية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ولها عراقتها وثباتها ومحجتها البيضاء ومثمناتها وتطلعاتها وإمكانياتها الاستثنائية وظروفها المواتية، وهي على جانب من الاستقرار والتلاحم فإن واجبنا ألا يأخذنا بطر المعيشة والظن بأننا قادرون على عبور الألغام بسلام، إن على الجبهة الداخلية أن تعي مسؤوليتها ودورها في هذه الظروف العصيبة التي تجتاح مشرقنا الجريح مشرق الفتن العمياء واللعب الرهيبة والانهيارات المريعة.
لقد كان بإمكان المؤثرين على القرارات المصيرية أن يتحركوا في الوقت المناسب لتطويق الأزمات والحيلولة دون اتساع رقعتها، وبإمكان الجبهات الداخلية أن تكون ردءًا وظهيراً للجبهات الأمامية، وحينئذ تنجو الأمة من مصير مظلم سيمتد أمده، ويستفحل خطره، وتستشري مشاكله ومن ذا الذي لا يأبه بمؤشرات ذلك الواقع المؤلم، فهل نحن قادرون إلى الأبد على الحِمالة، وامتصاص الاحتقانات في مواقع بلغت أحوالها درجة الغليان، إن واقعاً مشتعلاً في كل بقعة من وطننا العربي لجدير بأن توظف له كل الطاقات وأن توجه له كل الإمكانيات، لكي يتجاوز لحظاته العصيبة، فأين حملة الأقلام مما يجري في السودان ولبنان واليمن وبوادر الفتن في مصر والجزائر وتونس، وأين حملة الأقلام من ضجر الشارع العربي من استشراء الفساد والبطالة والمجاعة والطائفية، لقد كنا ولما نزل في غفلة عن ذلك، وكأن الأمر لا يعنينا، وكأننا في معزل عن رياح التغيير القائم على تمزيق العالم العربي إلى دويلات طائفية وعرقية وإقليمية.
وإذْ أدَّت اتفاقية (سايكس بيكو) نتائجها المرجوة ومزقت وحدة عربية كان يجب أن تكون لوجود محققاتها من لغة وحضارة وعقيدة ومصير مشترك فإن تطاول الأمد وظهور دول قوية ومؤثرة حقيق بأن يحْمل دول الاستكبار والاستبداد على التفكير الجاد والماكر لطرح مشروع آخر، لا يقوم على التقسيم الجغرافي وحسب، وإنما يمتد إلى التقسيم الطائفي والعرقي. فما الذي يعانيه السودان؟ وما الذي يجتاح اليمن؟ وما الذي يرقبه لبنان؟ وما الذي يخيف مصر؟ ودعك من العراق. إنها فتن محكمة الصنع خطيرة النتائج، وهذه الفداحة لم تعد تشكل حافزاً للتفكير بالخلاص أو على الأقل إيقاف التدهور.
وإذ يكون من المؤكد تلون الغزو والتآمر الذي يتحفظ على تداوله البعض، رغم أنهما من المسلمات فإن نفاذهما موكل بالقابلية ومصطلح (القابلية) حرر أبعاده المفكر الإسلامي المعتدل (مالك بن نبي) - رحمه الله- ولم يلاق آذاناً صاغية ولا عقولاً واعية ولو تقبلته المشاهد واحتفت به النخب لكان بالإمكان الخلوص من مخققات القابلية، فالشعوب العربية لم تكن دون غيرها من شعوب العالم، ولو هيئت لها قيادات حكيمة وأتيحت لها ظروف مناسبة، لاستطاعت أن تعي واقعها، وأن تشب عن الطوق، وأن تبادر مسئولياتها مثلما فعلت شعوب العالم التي مرت بظروف مشابهة، وخاضت حروباً أهلية مرعبة، وتناوشت مع بعضها، وحين وجدت أن من مصلحتها المصالحة والمعايشة، نسيت كل شيء وأقبلت على بعضها لبناء ذاتها والسيطرة على المشاهد كلها، لقد توحدت شعوب أوربا وتبادلت المصالح والخبرات على الرغم من تناقضها لغوياً وعرقياً وجغرافياً، وظلت الشعوب العربية في تنافر وتناحر، على الرغم من التجانس اللغوي والحضاري والعرقي، لقد كنا وما زلنا يداً سفلى نتلقى المستجدات وكأنها صنعت من أجلنا، نتناحر حولها، ونتعادى من أجلها، ونستنزف كل طاقاتنا في سبيل طرد الغربة عنها.
فأين نحن من العلمانية والعولمة والحداثة و(الليبرالية) و(الديموقراطية) و(العالم الجديد) وسائر المصطلحات والتقليعات؟ لقد أنفقنا الجهد والوقت والمال، وما من مصطلح واحد أحسنا فهمه ولا أتقنا تمثله، وسنظل في جدل عقيم وكأننا موكلون بالمستجد نذرعه جيئة وذهاباً، ونطَّرِحه متى ذر قرن مصطلح جديد.
إن علينا وعالمنا العربي والإسلامي يعول علينا أن نكون في مستوى إمكانياتنا ومكانتنا، فما عاد في الوقت ولا في الجهد متسع للتجريب، فضلاً عن التخريب، إن علينا أن نبادر مسؤولياتنا على الوجه الذي يحفظ الكرامة والحرية والندية، ويحول دون نفاذ الغزو والتآمر وإحداث التصدعات في وحدة الأمة فكرياً وإقليمياً، وما الفتن التي تستيقظ بين الحين والآخر إلا وليدة أيدٍ خفية وجدت الأجواء الملائمة لامتدادها في جنح الظلام لتصديع العلاقات وإيغار الصدور وفتح الملفات الساخنة وستظل الأمة تخرج من فتنة إلى أخرى، حتى تتحقق فيها الغثائية التي أخبر بها من لا ينطق عن الهوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.