اتفاق زعماء الشعوب الإسلامية بداية الطريق إلى صلاح الأمة، ذلك أن صلاح الأمة لا يمكن أن يكتمل ما لم يكن هناك اتفاق بين الشعوب المكونة لها، وإذا كان الخلاف بين زعماء الشعوب الإسلامية يشكل خطرا آنيا على هذه الشعوب، فإن الخطر الذي يبلغ الكارثة أن يكون الخلاف خلافا بين الشعوب نفسها، وإذا كانت المؤتمرات واللقاءات الثنائية قادرة على رأب الصدع بين الزعماء فإن المؤتمرات واللقاءات نفسها تقف عاجزة عن إصلاح ما فسد من علاقة وما شجر من خلاف بين الشعوب. ولن يكون لاتفاق زعماء الشعوب الإسلامية معنى إذا كانت شعوبهم تعاني من التمزق العرقي والطائفي والحزبي والعشائري وغير ذلك من فتن تفتت الشعب الواحد إلى شعوب متناحرة والدول التي تربط بينها العقيدة والمصير المشترك إلى دول لا تخرج من نزاع إلا كي تدخل في نزاع ولا تكاد جروحها تشفى من حرب إلا لكي تهيئ قبورا لأبنائها الذين تدفع بهم إلى حرب قادمة. لا يمكن لاتفاق زعماء الشعوب الإسلامية أن يصلح حال الأمة مادامت هذه الشعوب لا يزال بعضها يكفر بعضا ويظن كل شعب فيها أنه هو الذي على الهدى وغيره من الشعوب في ضلال مبين. ولم يكن لشعوب الأمة الإسلامية أن تبلغ ما بلغته من التشرذم والتمزق والتعادي لولا محاولات مستمرة ومستميتة حاول فيها زعماء ينتمون لأحزاب وطوائف أن يزجوا بشعوبهم في أتون الخلافات السياسية وأن يوظفوا حماسهم الوطني وانتماءهم العقدي لما يريدونه من توجهات سياسية لا تخدم مصالح أوطانهم بقدر ما تصب في صالح مكاسبهم الشخصية أو الحزبية أو الطائفية أو العشائرية. ما كان لشعوب الأمة الإسلامية أن تتشرذم لولا ساسة قادوها إلى هذا التشرذم، وهم يدركون أنهم يشعلون نارا، إن تدفأوا عليها قليلا واستفادوا منها مؤقتا، فإنها سوف تأتي على الأخضر واليابس في خاتمة الأمر. إن زعماء الشعوب الإسلامية مطالبون بترميم وحدة الأمة وإصلاح ما فسد بين شعوبها وأطيافها، فإن لم يتمكنوا من ذلك فإن ما تتطلع إليه الأمة أن يتوقف أولئك الساسة عن بث عوامل الفرقة بين شعوب الأمة خدمة لمصالحهم ومصالح أحزابهم وطوائفهم، وذلك في حد ذاته خير لو فعلوه.