مشاري بن صالح العفالق - اليوم السعودية تابعت باهتمام الضجة التي أثارتها أحداث مباراة النصر والتعاون الأخيرة، والتي شهدت احتجاجاً صارخاً من نجوم نادي النصر، يتقدمهم رئيس النادي العاصمي، وبطريقة أثارت ردود أفعال كبيرة في المنتديات الرياضية، ووسائل الإعلام المختلفة. لن أتحدث كثيراً حول ما صاحب المباراة من شد وجذب قُتل بحثاً خلال الأيام القليلة الماضية، من قبل الكتّاب الرياضيين وغير الرياضيين لكني أريد أن أنطلق مما حدث للحديث حول الصورة الذهنية لرجل الأمن، والكيفية التي يظهر عليها على شاشة (التلفزيون) تحديداً. هذه الحادثة والتي كان من الممكن أن نقبل التبريرات بأن ماحدث سوء تفاهم سببه حمل الجندي (العسكري) للكاميرا أوقع رئيس النادي في هذا الحرج، غير أن الكيفية التي تم التعامل بها مع رجل الأمن سواء عند انتزاع الكاميرا من يده، أو عندما تم قذف الحكام ورجال الأمن المحيطين بهم من قبل الجمهور، تدعونا لطرح أسئلة كثيرة حول مدى وعينا بمكانة ودور رجل الأمن، وقبل ذلك ما هي الصورة الذهنية التي عززتها بعض وسائل الإعلام لفئة هي أولاً وأخيراً حماة هذا الوطن وأبنائه. على أي حال ما حدث إنما هو مشهد من مشاهد عديدة تعرضها وسائل الإعلام المرئية - ربما بحسن نية - لكنها تكرس الصورة النمطية لرجل الأمن، باعتباره سطحيا أو بسيط الوعي، قليل الحيلة، لايجيد القيام بمهامه، ولا يحسن التعامل مع الناس، وربما أشهر تلك الصور النمطية ما كانت تعرضه حلقات (طاش ماطاش) على مدى أعوام من مشاهد لشرطيين يعملان ب (البركة) ، فيما تظهر شخصيتهما بصورة فجة التعامل وغير متناسقة المظهر إلى آخره من الصفات الأخرى التي ذكرتها. .ولكي نرفع اللبس فأنا هنا أقصد تحديداً الصور التي تحاكي الجنود في الشرطة والمرور والجوازات و الإطفاء وحتى موظفي الأمن غير الحكوميين إلى آخره - لأن الإعلام السعودي لا يصور رجال الجيش أو الحرس الوطني أو الصاعقة، ولا حتى فئة الضباط عموماً بهذه الصورة مثلاً-، وحتى لا يعتقد البعض أيضاً أن هذا المقال يختص بتصرفات منسوبي ناد معين أو القائمين على مسلسل كوميدي ما، فإني أؤكد بأن ما طرحته هنا مجرد أمثلة أو لنقل مدخلا للتأكيد على أننا لا نحمل في اللاوعي ما يستحقه رجل الأمن، بالرغم من أن هؤلاء يقومون بأعظم الوظائف شرفاً وأخطرها مكاناً وأقساها طبيعةً. من جانبٍ آخر، يرى البعض أن ما تصوره الشاشات أحياناً يخضع لدواعي القالب الكوميدي أو لمناقشة حالة تحدث أحياناً، وأنا لا أخالف هذا الرأي لكني أتساءل أيضاً لماذا لا تُظهر الشاشات – بذات التكرار- رجال الأمن في صورة تستحق الاحترام، لماذا لا تناقش الأعمال الدرامية حياة هذا العسكري ومعاناته، وتضحياته من أجل الوطن..؟ وبالرغم من أن حكومة المملكة دأبت في مناسبات عدة ممثلة في أعلى سلطاتها على زيارة الجنود المصابين وعرضها على القناة الاولى، إلا أن المضامين التي تنتجها وتبثها وسائل الإعلام عموماً بعيدة كل البعد عن هذا المضمون الواجب ترسيخه. وعلى النقيض من ذلك فإن مضامين الإعلام الأمريكي على سبيل المثال لاسيما إنتاج هوليود طالما صورت ولا تزال الجندي الأمريكي سواء في الجيش أو الاعمال القريبة من المدنيين بإعتباره البطل والمخلص والقادر على تحقيق المعجزات, والوسيم المتناسق القوام، وإن حدثت تجاوزات فإنها لاتذكر أمام هذا الطوفان من التعزيز لصورة العسكري والجندي الأمريكي ليس فقط في الولاياتالمتحدةالأمريكية بل وفي كافة أنحاء العالم. وحينما تسافر إلى أي مكان في العالم ومع وجود مختلف النظم الإدارية لبلدان العالم تجد أن صورة الاحترام كبيرة لرجل الإطفاء أو شرطي المرور على العكس مما هي عليه في الذهنية المحلية هنا، وحتى نكون منصفين أيضا فإن هذه الصورة بحاجة أيضا لتعديل يبدأ من تأهيل رجال الأمن القريبين من المواطنين، وزوّار المملكة ليكونوا أكثر لباقةً وأكثر إقناعاً في الشكل والمضمون ثم نضع حدا للتعدي على صورة العسكري أو الجندي العزيز على قلوبنا.. تحياتي،،