من الحكمة أن ترفض الخوض في مجال لا تجيده، حتى لو اعتقدت أن الحق معك بل حتى لو جزمت بذلك..! ومن الذكاء أن تتهرب من المبارزة لأنك لا تمتلك أسلحتها أو لا تتقن استعمالها، ومن الشجاعة أن تعلن ذلك أمام الملأ.. كما فعل الكاتب المثير للقارئ والمستفز للإسلاميين محمد عبداللطيف آل الشيخ، حين أعلن رفضه المناظرة التلفزيونية التي دعاه إليها الأكاديمي سعد مطر العتيبي على خلفية ردود آل الشيخ على مداخلته في "البيان التالي" مع عبدالعزيز قاسم. وفي رأيي أن شجاعة آل الشيخ لم تظهر في ردوده على الإسلاميين كما ظهرت في تبريره رفض المناظرة بأنه لا يجيدها، معتبرا الصحافة المكتوبة ميدانه والقلم سلاحه، داعياً إلى المبارزة في ميدانه.. وحين تسترجع ذاكرتك قليلاً فلن تجد أي صورة له سوى التي تعلو زاويته في "الجزيرة"، ولن تجد له حضوراً في الفضائيات رغم أن اسمه يتردد على كثير منها..! من الظلم أن تنافح عن فكرة تعتبرها جيدة، بأسلوب لا تتقنه أو بطريقة لا تجيدها.. ولو فعلت لظلمت فكرتك، كمن يخرج على الفضائيات ولا يفصح الحديث ولا يمتلك سرعة البديهة ولا حسن الاستدلال، حتى ولو كان يمتلك علما غزيراً وصوتا جهورياً. هروب آل الشيخ من المناظرة التلفزيونية شجاعة، لا تقل عن شجاعة العتيبي الذي طلبه للمناظرة.. وبغض النظر عن تفاصيل الحوار أو الجدال بينهما، لا بد أن يكون ضيف الفضائيات متحدثاً وذكياً وسريع البديهة وبعد ذلك كله يكون عالماً أو عارفاً فيما يظهر للحديث عنه، وإلا لكان الظهور مثل عدمه للمشاهد..! وهذا يجعلنا نطالب أصحاب البرامج الحوارية أمثال قاسم بالبحث عمن يستطيع إقناع المشاهد قبل أن يفكر بإقناع خصمه في الحلقة، لأنها لولاه لما عرضت.