امل زاهد - الوطن السعودية مخجلٌ ومؤلمٌ، ومناقضٌ لروح الدين ومقاصده، ومخالفٌ لكافة المواثيق، الاستمرار في شرعنة تفريق الزوجين بناءً على الكفاءة في النسب، وذلك بقبول هذه النوعية من القضايا والنظر فيها في محاكمنا! مجرد قبول هذه القضايا في محاكمنا يعني شرعنتها وفتح الباب على مصراعيه لمآسيها! ويكفي ألا يبتلى فلان أو علان من المرضى بداء العصبية البغيض زواج امرأة في القبيلة، أو ألا يدخل مزاجهم الزوج ليرفعوا قضية عدم تكافؤ في النسب! فكل من هب ودب له الحق في العبث بحياة المرأة وتشتيت أسرتها وتفريق شملها، وهي في عرفهم قاصر لا تملك من أمرها رشدا حتى لو تجاوزت الأربعين، وحتى لو تم الزواج بموافقة إخوتها ووالدتها وأهلها المقربين! وحتى لو أثمر الزواج طفلة بريئة ستتبعثر أشلاء أسرتها وهي بعد تلثغ أول حروفها، كما تقول تفاصيل مأساة جديدة من مآسي قضايا كفاءة النسب التي يُنظر فيها في محكمة المدينة المنورة! ليس غريبا أن يكون هناك مرضى نفوس مهووسون بالعصبية عاجزون عن التخلص من نتنها، ولكن الخطير والمؤسف أن تتماهى المحاكم مع مطالبهم، وتنظر في قضية تتعارض مع جوهر الدين وقيمه معرضة حياة أسرة وأمنها للانتهاك! والأخطر والأمر حين تنظر المحكمة في قضية يتقدم بها رجل عرض حياة أطفاله أنفسهم للتشتت والدمار النفسي بتطليق والدتهم، فقط لأن خالتهم تزوجت بمن لا يرقى نسبه لنسب القبيلة كما يعتقد هو!. توقفت كثيرا أمام تصريح فضيلة الشيخ عبدالله المطلق على القضية والمنشور بصحيفة المدينة والذي يقول فيه: (إنه طالما أن أولياء الزوجة ووالدتها موافقون مع عدم وجود ابن عم مباشر يحق له الاعتراض فليس هناك لأي شخص الحق بالاعتراض على هذا الزواج). فحتى ابن العم المباشر وليس الأخ له الحق في الاعتراض على زواج المرأة وبالتالي تفريقها عن زوجها! فيما تقف هي مكتوفة اليدين في مهب العصبية، تُعامل كالطفل الغر أو المجنون المرفوع عنه القلم! في تغييب وتجاهل لمقاصد الشريعة، يتم من خلاله شرعنة العصبية المنتنة التي أمرنا رسولنا الكريم باجتثاثها، وضرب أمثلة حية على ذلك بتزويجه زينب بنت جحش لمولاه زيد بن حارثة، إلى أمثلة أخرى لا يتسع المقال لذكرها. لا أشك لحظة أن الإسلام أنصف المرأة، وأعطاها حقوقها كاملة غير منقوصة، ولكن هل أنصفتها ثقافتنا؟! يقول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى). ويقول سيدنا علي كرم الله وجهه في الكفاءة (الناس بعضهم أكفاء لبعض، عربيهم وعجميهم، قرشيهم وهاشميهم إذا أسلموا وآمنوا)، بينما يقول فقهاء الأحناف والشافعية والحنابلة: (العرب أكفاء لبعضهم البعض إلا قريش فهم أكفاء فيما بينهم)، فبأي الأقوال نأخذ؟!.