برزت في السنوات الأخيرة إلى العالم ثقافة البودكاست، وكانت بمثابة طفرة في صناع الإعلام الرقمي، وبانطلاقه في فترة كورونا تقريبًا؛ لقيت هذه البرامج عددًا كبيرًا من المستمعين، وأصبحت ذات تأثير عالٍ على الرأي العام، والثقافة العامة، وتقرب الإعلام أكثر إلى الجماهير، بعد أن أصبح البودكاست وسيلة مميزة جدًا للمستمعين، خاصةً لمناسبتها في تقضية الوقت في الازدحامات المرورية. لم يكن انتشار البودكاست في المملكة مجرد تقليد عالمي، بل جاء نتيجة عوامل عدة، أبرزها ارتفاع نسبة الشباب في المجتمع، وتوسع البنية التحتية الرقمية، وتغير أنماط استهلاك المحتوى. فالسعوديون يُعدّون من بين الأكثر تفاعلًا مع المحتوى الصوتي في المنطقة، مما دفع العديد من الأفراد والمؤسسات إلى دخول هذا المجال وتقديم محتوى متنوع يناسب اهتمامات الجمهور المحلي. خاصةً وأن برامج البودكاست وجدت بيئة خصبة في السعودية، مثل سهولة الإنتاج حيث أنه لا يتطلب استوديوهات ضخمة أو معدات معقدة، ما سمح للكثير الدخول فيه. كما أنه كان لتنوع المحتوى دورًا كبيرًا في انتشاره، حيث يمكن العثور على بودكاست يناسب كل الاهتمامات، من القضايا الثقافية والاجتماعية إلى ريادة الأعمال والصحة والرياضة. وكان دعم الجهات الرسمية لبرامج البودكاست دور كبير في تسهيل عملهم، وإعطائهم ميزات ومحفزات، للارتقاء بالمحتوى الإعلامي، ليكون إعلامًا تنافسيًا على المستويين الإقليمي والعالمي. حيث أطلقت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام مؤخرًا خدمة تتيح لبرامج التدوين الصوتي والمرئي بالتسجيل لديها للاستفادة من التسهيلات التي تقدمها الهيئة، مثل السماح بالإعلانات التجارية، بدون الحاجة للحصول على تراخيص معينة، مالم تخالف تلك الإعلانات لأي أنظمة في المملكة. حيث أن هذا التسجيل لايشمل فقط برامج البودكاست، بل حتى قنوات اليوتيوب التي تنشر مقاطع تدوينية، ويُعدّ خطوة أساسية لتنظيم المشهد الإعلامي الرقمي ودعم صنّاع المحتوى في تحقيق أهدافهم بطرق احترافية ومستدامة. المستقبل الواعد للبودكاست السعودي مع التوجه الكبير نحو الرقمنة، يبدو أن مستقبل البودكاست في السعودية مشرق، خاصة مع الدعم المتزايد من الجهات الإعلامية، والمنصات المحلية التي بدأت في الاستثمار في هذا المجال. كما أن الجمهور السعودي بات أكثر تقبلاً لهذا النوع من المحتوى، مما يمنح صناع البودكاست فرصة لتقديم محتوى أكثر احترافية وتخصصًا. البودكاست في السعودية ليس مجرد موجة مؤقتة، بل أصبح جزءًا من المشهد الإعلامي الجديد الذي يعتمد على التفاعل المباشر مع الجمهور، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتقديم محتوى أكثر قربًا وتأثيرًا. ومع استمرار هذا النمو، قد نشهد في السنوات القادمة دخول منصات سعودية جديدة تسهم في تطوير هذه الصناعة وتعزيز حضورها عالميًا.