"عين الرياض" تعزز حضورها العالمي بشراكة إعلامية لمعرض سوق السفر العالمي- لندن 2024    وزير إسرائيلي يحتفي بترمب    تراجع أسعار النفط مع ارتفاع الدولار في ظل تقدم ترامب في انتخابات الأمريكية    استشهاد عشرة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    خطرات حول النظرة الشرعية    روسيا تنفي تدخلها في الانتخابات.. إخلاء مراكز اقتراع في 4 ولايات أمريكية    وزير الحرس الوطني يصل جمهورية كوريا في زيارة رسمية    وزير الحرس الوطني يحضر عرضاً عسكرياً لأنظمة وأسلحة وزارة الدفاع الوطني الكورية    ترمب يتحدث عن وجود تزوير في فيلادلفيا.. والمدعي العام ينفي    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة مضاوي بنت تركي    التعاون يواجه ألتين للتمسك بالصدارة في «آسيا 2»    الجبلين يتغلّب على نيوم بهدف في دوري يلو    الاتفاق يتغلب على القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج    «التعليم»: تدريس اللغة الصينية بما يعادل مدة الابتعاث    تنفيذ حكم القتل تعزيراً في أحد الجناة بمنطقة المدينة المنورة    آل الشيخ في مؤتمر «cop29»: تنوع الثقافات واحترام خصوصية كل ثقافة.. مطلب للتعايش بين الشعوب    السعودية تتقدم عالمياً في تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي    «الحسكي».. مكونات سياحية بمحمية الإمام تركي بن عبدالله    بيولي: النصر يستهدف اللقب الآسيوي    مشروع رؤية 2030.. أول الغيث    مجلس الوزراء يقر إطار ومبادئ الاستثمار الخارجي المباشر    الحوادث المرورية.. لحظات بين السلامة والندم    الزائر الأبيض    ازدهار متجدد    تبكي الأطلال صارن خارباتي    سان جرمان وبايرن يسعيان للعودة إلى سكة الانتصارات    سلام مزيف    فلسفة الألم (2)    الممارسون الصحيون يعلنون والرقيب لا يردع    د. الذيابي يصدر مرجعًا علميًا لأمراض «الهضمي»    انقطاع نفس النائم يُزيد الخرف    وقعا مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري.. وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز العلاقات الدفاعية وأمن المنطقة    X تسمح للمحظورين بمشاهدة منشوراتك    محمية الغراميل    اتفاقية بين السعودية وقطر لتجنب الازدواج الضريبي.. مجلس الوزراء: الموافقة على الإطار العام والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    ثري مزيف يغرق خطيبته في الديون    الألم توأم الإبداع (سحَر الهاجري)..مثالاً    معرض سيتي سكيب العالمي ينطلق الاثنين المقبل    15 شركة وطنية تشارك بمعرض الصين الدولي للاستيراد    دشنها رئيس هيئة الترفيه في الرياض.. استديوهات جديدة لتعزيز صناعة الإنتاج السينمائي    يا كفيف العين    اللغز    خبراء يؤيدون دراسة الطب باللغة العربية    رأس اجتماع مجلس الإدارة.. وزير الإعلام يشيد بإنجازات "هيئة الإذاعة والتلفزيون"    عبدالوهاب المسيري 17    الصناعة: فوز11 شركة برخص الكشف بمواقع تعدينية    Apple تدخل سوق النظارات الذكية لمنافسة Meta    القيادة تهنئ رئيسة مولدوفا    همسات في آذان بعض الأزواج    المنتخب السعودي .. وواقعية رينارد    أول قمر صناعي خشبي ينطلق للفضاء    إلزام TikTok بحماية القاصرين    تأثيرات ومخاطر التدخين على الرؤية    التعافي من أضرار التدخين يستغرق 20 عاماً    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    أبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بخريطة "إنها طيبة"    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة مضاوي بنت تركي بن سعود الكبير    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقهاء التيسير المحليون والإسلام الأمريكي
نشر في أنباؤكم يوم 22 - 11 - 2010


عبد العزيز محمد قاسم - الوطن السعودية
"الشّريعة يُسْرٌ كلها، لا عُسر فيها بوجه من الوجوه، ولم يرد وصفها بالمشقة أو العسر، ولا بالتوسّط بين اليسر والشدة، بل يسّر الله رسوله لليسرى، وقد وقع في أذهان بعض الناس أن الشريعة تعني الزجر والمنع والنهي، حتى صاروا يظنون أن فقه العالم هو في تشديده على الناس ومنعه وكثرة التحريم عنده، وأن هذا دليل على الورع والتقوى"(الإسلام اليوم).
صدّرتُ مقالتي بهذه الجملة للشيخ المفكر سلمان العودة؛ لألج بالحديث لظاهرة بدأت تتشكّل منذ سنوات قليلة في الساحة الشرعية المحلية، وقصدت بهم فقهاء التيسير الذين بدؤوا يبرزون من خلال فتاوى تميل للأيسر من الأقوال، وتمثلهم شخصيات علمائية رسمية وبعض طلبة العلم ممن هم بعيدون عن المناصب، وقد أفاد المسلمون من كثير من تلكم الفتاوى في مواسم الحج الأخيرة.
هؤلاء الفقهاء والعلماء نالتهم الألسنة المعارضة، وناوشتهم بعض الأقلام المحتدة، ووصمتهم بأنهم منخرطون ضمن المشروع الغربي لإيجاد إسلام بمواصفات أميركية، التي تحدثت مراراً عنها تقارير (راند) وذكرتها كوندليزا رايس إبان المشروع –الذي أجلته المقاومة العراقية إذاك- الشرق الأوسط الكبير.
فعقب أحداث 11 سبتمبر؛ وُضع الفقه المحلي السعودي تحت مجهر الإعلام الغربي ومراكز البحوث العالمية هناك، وسُلطت الأضواء عليه، ووُصم الفقه السائد هنا من لدن تلك الأقلام الغربية -وحتى العربية- بأنه فقهٌ جامد، ومتأخرٌ، وغيرُ مواكب للعصر، ويميل للتشدد والصرامة في الأحكام، مقارنة بمدارس فقهية أخرى كالمدرسة الأزهرية..
يردّ أحبتنا من فقهاء التيسير على تلك الاتهامات بأنها مغالطات من متشددين، وأن التيسير أصلٌ في ديننا، وأنه لم يرد في لسان الشرع بالذم، بل ورد الأمر به أمراً عاماً في قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: "يسّروا ولا تعسّروا" (صحيح البخاري 3038)، وأكثر من ذلك أن الدين الإسلامي كله نُعت به: "إن دين الله يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" (البخاري 39).
بل إن نهج الصحابة رضي الله عنهم وصف به، ويسوقون ما قاله عمر بن إسحاق: "أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ممن سبقني منهم، فما رأيت قوماً أيسر سيرة، ولا أقل تشديداً منهم"(الدارمي 1/51) وفي المقابل جاء ذمّ التشدد في نصوص كثيرة.
المتخصص، وحتى القارئ العام؛ يعرف أن مدرستي التيسير والعزائم -ليس التشديد أو الغلو- موجودتان مذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، وأمامنا نموذجان؛ الصحابيان الجليلان عبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس رضي الله عنهما مثّلا المدرستين بشكل دقيق، ووصف تينكم المدرستين الإمام ابن القيم رحمه الله الذي قال: "أحدهما يميل إلى التشديد والآخر إلى الترخص، وذلك في غير مسألة، وعبد الله بن عمر كان يأخذ من التشديدات بأشياء لا يوافقه عليها الصحابة؛ فكان يغسل داخل عينيه في الوضوء حتى عَميَ من ذلك، وكان إذا مسح رأسه أفرد أذنيه بماء جديد، وكان يمنع من دخول الحمام، وكان إذا دخله اغتسل منه، وابن عباس كان يدخل الحمام. وكان ابن عمر يتيمم بضربتين ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، وكان ابن عباس يخالفه ويقول: التيمم ضربة للوجه والكفين، وكان ابن عمر يتوضأ من قبلة امرأته ويفتي بذلك، وكان إذا قبّل أولاده تمضمض ثم صلى، وكان ابن عباس يقول: ما أبالي قبّلتها أو شممت ريحاناً، وكان يأمر من ذكر أن عليه صلاة وهو في أخرى أن يتمّها، ثم يصلي الصلاة التي ذكرها ثم يعيد الصلاة التي كان رقمها.. والمقصود أن عبد الله بن عمر كان يسلك طريق التشديد والاحتياط". (زاد المعاد 2/47).
وقد عرف السلف الصالح ذلك منهما، حتى إن هارون الرشيد أوصى الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، عندما عهد إليه بوضع كتاب في الفقه، أن يتجنب ترخصات عبد الله بن عباس وتشديدات عبد الله بن عمر.
بتصوري أن مدرسة التيسير المحلية التي يقودها الشيخان عبدالله بن منيع وعبدالله المطلق – رغم أن سماحة الوالد المطلق يرفض هذا مطلقاً - من المؤسسة الدينية الرسمية، ويتوازى معهما الشيخ سلمان العودة وكوكبة من طلبة العلم الصاعدين في صعيد الساحة الشرعية، باتوا يصرحون بآراء فقهية تختلف عما كان سائداً في مجتمعنا، واعتاد عليه لحقب طويلة. هؤلاء سيتسيّدون الساحة الفقهية -خلال السنوات القليلة القادمة- بآرائهم التي تتواكب والتنمية التي نعيشها، وهم فوق شبهة أنهم منخرطون ضمن مؤامرة الإسلام الأمريكي بقدر ما أدركوا المتغيرات من حولنا، وهذا الانفتاح الذي يغشى المجتمع عبر الأقنية الفضائية المفتوحة والشبكة العنكبوتية.
يبقى أخيراً؛ بقدر حفاوتي بهؤلاء الفقهاء الفضلاء، أن أشير إلى خطورة المآل إذا ما استمر أحبتنا هؤلاء في تيسير الفقه دون ضوابط، فالمعارضون يلوحون بفتاوى الشيخ حسن الترابي من إنكار عذاب القبر وعدم قتل المرتد، وجواز تغيير الدين للإنسان، وإباحة تزوج المسلمة من نصراني ويهودي، وكذلك إلى فتاوى جمال البنا الذي أجاز القبلة بين الشابة والشاب وأن الحجاب غير شرعي وجواز الزواج بدون شهود، فضلا عن محمد شحرور وفتاواه الغريبة أن الجنس حلال بين العزاب، وقائمة لا تنتهي من هؤلاء المتفيهقين في دول الجوار، غلّب جلهم، موضوعات المقاصد دون النصوص، وتوسعوا في فهم خاصية اليسر في الإسلام، وتتبعوا الرخص، وتركوا المحكم واتبعوا المتشابه، وعمّموا قاعدة عموم البلوى في التخفيف، وأخذوا بمبدأ التلفيق، وجعلوا الخلاف دليلا، فانتهوا إلى هذا التشويه للفقه الإسلامي، وقديما قال ابن تيمية: "وأما الخائض فيه -أي الفقه- فغالبهم إنما يعرف أحدهم مذهب إمامه، وقد يعلمه جملة، لا يميز بين المسائل القطعية المنصوصة والمجمع عليها، وبين مفاريده، أو ما شاع فيه الاجتهاد، فتجده يفتي بمسائل النصوص والإجماع من جنس فتياه بمسائل الاجتهاد والنزاع... لكن هؤلاء ليسوا في الحقيقة فقهاء في الدين، بل هم نقلة لكلام بعض العلماء ومذهبه". (الاستقامة 1/60).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.