حاولت فيما مضى في بعض المقالات إجمال التجربة العربية والمحلية مع أقنية الإعلام الجديد، والخلاصة التي انتهيت إليها ترتكز على أن ما يملأ فضاء الإنترنت لا يعدو سوى محاولات فردية ذات رئة واحدة، سرعان ما تلهث بعد أن يصيبها اليأس من واقع المظلات الحاضنة للمبادرات، إضافة إلى نظرتنا الاجتماعية للإنترنت بصفته «توسيع صدر»، أو شكلا من أشكال الوجاهة عند اقتناء أجهزة الاتصال. المحير في الأمر.. أن «قوة العين» تداهمنا عندما ترتفع الأصوات المطالبة بتعريب التقنيات الحديثة، أو إيجاد برامج تدعم اللغة العربية، ورغما عن احتلالنا مراكز متقدمة من ناحية القوة الشرائية في المنطقة، إلا أن العديد من صناع التقنية ومبرمجيها لم يلتفتوا إلى الإغراء الوحيد لأننا باختصار لا نمثل شيئا في بحر الإعلام الجديد، وحتى على الإنترنت نحن أشبه بالواقفين على الضفة نشجع مهرة الغطاسين لأننا لا نحسن السباحة، وفي «فرضية» طرحتها مبادرة الملك عبد الله للمحتوى العربي التي تمثل عنصرا داعما يطل على استحياء في عالم الإنترنت، قالوا: إن موقع «ويكيبيديا» يحوي قرابة ثلاثة ملايين مقالة باللغة الإنجليزية، أما النسخة العربية من الموقع فتحوي 116 ألف مقالة، مما جعلها تحتل المرتبة 27 ضمن لغات الموقع، وهو رقم «مفزع» إن علمنا أن عدد الناطقين بالعربية 280 مليونا كلغة أم، إضافة إلى 250 مليونا آخرين تمثل العربية لغتهم الثانية!. وإن أرجعنا البصر كرة أخرى، سنشعر بأننا «لا شيء» في ذلك العالم، وهو ما يؤكده التقرير السادس للاتحاد الدولي للاتصالات الصادر عام 2009 بأن المحتوى العربي على شبكة الإنترنت لا يمثل 1 في المائة مقارنة باللغات الأخرى!، وبالتالي فإن وضعنا مع نهاية هذا العام سيغدو صعبا مع تكرار لرمز «إلخ...»، ولذا لم أستغرب وأنا أشاهد رئيس «مايكروسوفت» عندما زار الرياض الأسبوع المنصرم، يستقبل استقبال الفاتحين بالعزائم والولائم ولزوم «هياط» الإكرام، وتمنيت لو تشجع ونقد واقعنا قبل أن يطلب أموالنا، وأن يقول: يا عالم «قليل من الحياء» في سبيل دعم لغتكم. مثال آخر عن المحتوى العربي على مستوى التطبيقات، فعشاق «آبل» من ذوي ألسنتنا عندما يزورون متجر الشركة ويبحثون عن تطبيق عربي لأجهزتهم، سيكتشفون عتادنا القليل الذي لا يتجاوز 100 تطبيق، جلها مسرحيات وأغانٍ ونكت وبرامج «ردود» بين طائفتين... حتى على مستوى الأسعار «نصدق أنفسنا» بتسعير تلك السخافات بمعدل يفوق التطبيقات الاحترافية. مبادرة الملك عبد الله للمحتوى العربي محاولة قد تستر عوارنا، وأرجو أن لا تهب عليها رياح «البيروقراطية» لأننا نتعامل مع محتوى سريع الإيقاع.